عمومًا , وحجّيّة الأَحاديث الدالة على نزول عيسى - عليها السلام - على جهة التعيين؛ هو على جهة الفَرْض. فإن كان هذا التقرير على جهة الفَرْض، فلم يبقَ إلَاّ أن تكون أَحاديث نزوله - عليها السلام - بلغت مبلغ التواتر. وهذا ما رددته سابقًا , وهذا عين التناقض!
والجواب: أَنّ أَحاديث النزول؛ وإن كانت لا تدخل في حَدِّ التواتر اللفظي المشار سَلَفًا عن نُدْرتِه، أو تعسُّرِ الظَّفَر به = إلَاّ أنها ـ بيقينٍ قد استفاضت و تواترت تواترًا معنويًّا. وهذا ما سبق أنْ سِيقتَ أَقوال الأَئمة في بيانه، في أَوائل المبحث. فلا تناقض حينئذٍ.
وبذا؛ يتبين خطأ الشيخ "محمد عبده" ومَن جَرَى في مَهْيَعِه في ردّهم لهذه الأحاديث بكونها خبر آحاد = على كلا الاعتبارين.
وأَما تأويل نزوله - عليها السلام - وحكمه في الأرضِ؛ بغَلَبة روحه، وسِرّ رسالته على الناس إلخ .. = فتأويلٌ بَاردٌ , وتحكيمٌ للتلاعُب والعبث في تفسير الأدلة.
وبيان ذلك في الوجوه التالية:
الأوّل: أَن هذا التأويل مُعرّىً عما يعضده من الأدلة التي تشهد له.
الثاني: أنه يرجع على ما تضمنته الأحاديث من معاني بالبطلان. ذلك أنه لو صَحَّ هذا التأويل لكانت الأَحاديث حينئذٍ مبشرة بانتشار روح المسيح , وذيوع تعاليمها. وهذا المعنى الفاسد هو نقيض ما صرّحت به أَحاديث النزول؛ من أن عيسى - عليها السلام - لا يقبل إلاّ الإسلام , وأنه يُهْلِك المِلَل كلَّها إلَاّ الإسلام.
الثالث: أَنَّ تأويل نزوله - عليها السلام - وحكمه في الأرض؛ بما غلب في تعليمه من الأمر بالرحمة، والمحبة، والسِّلْم = باطلٌ. لأنه يوهم أن الشريعة المحمدية غُفْلٌ عن ذلك. وهذه الأمور - الرّحمة، والمحبّة، -