للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جهة المواضعة ومن جهة قصد المتكلِّم بدعوى: «حُريّة التعدديّة القرائية»، أو «التعددية الدلاليّة»! فلم يعد التأويل مقصورًا على ما يدعى أنّه مخالفٌ لمقتضى الدلالة العقلية فقط، بل أَصبح ضرورةً عند هؤلاء الباطنيين في كُلِّ نصٍ سواء وجدت المعارضة المُدَّعاة أم لم توجد، حتى قال أحدُ دعاة هذه المدرسة الباطنية المُحْدَثة: «النصُّ المقدَّسُ ما إنِ انتقل من فضائه الإلهي إلى الفضاء الإنساني , حتَّى أَخذ يعيش حالةً من التشظيِّ الدَّلالي المُعْنمي عبْر البشر الفرادى , والمجتمعين المتشظِّين؛ وفق مواقعهم المتجمعيَّة - فئات، وشرائح، وطبقات، ونقابات، وشعوب، وأمم .. إلخ - , والمعرفية - المستوى العلمي الطبيعي , والاجتماعي , والإنساني - , إضافةً إلى الأيديولوجيَّة - السياسية , والدِّينية , والأَخلاقية , والجمالية ... إلخ - والإثنيَّة - الانتماء الأَقوامي العرقي.

والحقَّ؛ إِنه ليس في ذلك غرابة؛ بل الغرابة ألَاّ يتمّ الأَمرُ وفق ذلك.

فالتَّعددية البشرية هي من طبائع الأمور. إذْ: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً} هود: ١١٨ ومن هناك كان الوهم والاعتقاد بأنَّ خطابًا «دينيًا أو أدبيًّا، أو اجتماعيًا .. إلخ؛ يلقى أصداءً متماثلة لدى مجموعات بشرية متمايزة على النحو المحدد آنفًا» (١).

فالتأويل عند أَذناب هذه النِّحلة: «ضرورةٌ للنَّصِ , ولا يوجد نَصٌ إلاّ ويمكن تأويلُه؛ من أَجل إيجاد الواقع الخاص به ... حتى النُّصوص الجليّة الواضحة التي لا تحتاج في فهمها إلى التَأويل ... حتى هذه النصوص؛ لفهمها حدسًا تحتاج إلى مضمون معاصر، يكون أَساس الحدس» (٢).


(١) "الإسلام والعصر"الدكتور طيب تزبيني (١١١).
(٢) "من العقيدة إلى الثورة" حسن حنفي (١/ ٣٩٨).

<<  <   >  >>