للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونعيمِه، ومُساءَلةِ مُنكَر ونكير ,وتظاهرها عنه - صلى الله عليه وسلم - (١). و ذهب بعضُ أهل العلم إلى أنّ الآيات الدّالّة على ثبوت عذابِ القَبْر ونعيمه تدورُ على ثلاث آيات؛ كما هو صنيعُ الإمام البخاري (٢). وبَلَغَ بها ابنُ القيّم -رحمه الله - خَمْسَ آياتٍ (٣)، وابنُ رجب سِتَّ آياتٍ (٤).

وبذلك يتقرر أنَّ هذه المسأَلةَ - أعني: عذابَ القَبْر ونعيمَه - وإنْ نصَّتْ الأحاديثُ عليها، وجَلَّتْها؛ فلا يعني ذلك خُلُوّ القرآن من الإشارة إليها.

ومن الدَّلائل التي أشارتْ إليها:

- قوله تعالى: {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (٤٥) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (٤٦)} غافر: ٤٥ - ٤٦

قال الإمام ابن كثير - رحمه الله - في هذه الآية: (وهذه الآيةُ أصْلٌ كبيرٌ في استدلال أهل السُّنَّة على عذاب البَرْزَخ في القبور؛ وهي قوله: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا}) (٥).

- قوله تعالى: {فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥) يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٦) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٤٧)} الطور: ٤٥ - ٤٧

فهذه الآية ارتأى بعضُ أهلِ العلم ظُهورَها في الدّلالةِ على عذابِ البَرْزَخ. قال الإمام ابنُ أبي العِزّ: (وهذا يَحْتَمِلُ أنْ يُرادَ به عذابُهم بالقَتْل


(١) انظر:"التبصيرفي معالم الدِّين"لابن جريرالطبري (٢١١) "العُدَّة"لابن العطار (١/ ١٤٠)، و"حكم أهل القبور"لابن تيميَّة (٣٦) "الرُّوح"لابن القيِّم (٧٦)،و"نظم المتناثر"للكتَّاني (١١٣).
(٢) انظر:"الجامع صحيح"،كتاب"الجنائز"،باب"ماجاء في عذاب القبر".
(٣) انظر:"الرُّوح" (١٠٨).
(٤) انظر:"أهوال القبور" (٨٦ - ٨٩).
(٥) "تفسير القرآن العظيم" (٧/ ٣٠٧٩).

<<  <   >  >>