للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تبقى بعد فراق البَدَن مُنَعَّمَةً، أو مُعَذَّبَةً. وأنّها تتّصل بالبدنِ أحيانًا، فيحصُل للبَدَنِ معها النعيمُ، أو العذابُ (١) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (العذابُ على النَّفْسِ والبدن جميعًا؛ باتِّفَاقِ أهلِ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ. تُنَعَّمُ النفسُ وَتُعذَّبُ منفردةً عن البدن، وتُعَذَّبُ متّصِلةً بالبدن، والبدنُ مُتّصل بها؛ فيكون النعيمُ والعذابُ عليهِما في الحال مجتَمِعَيْنِ، كما يكونُ للروح منفردةً عن البدن) (٢) .

وقد اختلفت مواقف المخالفين لأَهل السُّنَّة من عذاب القبر، على النَّحو التَّالي:

القول الأوَّل: من ذهب إلى نَفْيِ (عذابِ القَبْر) مُطلقًا: كطوائف من الخوارِج (٣)، وبشر المريسي (٤) وبعضُ المعتزلة. ومِمّن اشتهر عنه ذلك: ضرار بن عمرو (٥) . وأمّا بقية المعتزلة؛ فالذي يظهرُ: أنهم يُثْبِتُون ما دلّت عليه النصوص في الجُمْلة. وقد قال القاضي عبد الجبّار: (سألتُ أبا


(١) "حكم أهل القبور"لابن تيمية (٣٦)،فتاوى ابن حجر العسقلاني"ضمن مجموعة الرسائل المنيرية" (٤/ ٤١) .
(٢) المصدر السابق (٣٤) وقد نقله عنه ابن القيم في كتابه: الرُّوح (٧٥) والصنعاني في: جمع الشتيت (٥٥) .
(٣) انظر: "مقالات الإسلاميين"للأَشعري (١٢٧) .
(٤) بشر المريسي (؟ -٢١٨ هـ):هو بِشر بن غياث بن أبي كريمة العدوي مولاهم البغدادي المَريسِي، ينْتحِل مذهب جهم في الأُصول ومن مقالاته القول بخلق القرآن، وأن الإيمان هو التصديق، وكان على مذهب أبي حنيفة في الفروع، كفَّره عدد من الأئمّة، من مؤلّفاته: كتاب "الاستطاعة"،و"كفر المشبِّهة"=انظر:"السير" (١٠/ ١٩٩) .
(٥) ضرار بن عمرو (؟ -؟):هو القاضي، شيخ الضرارية، رأس من رؤوس المعتزلة، له مقالات خبيثة، خالف المعتزلة في بعض مقالاته، وله تصانيف في الرَّدِّ على الخوارج، المعتزلة، والرَّوافض=انظر:"السير" (١٠/ ٥٤٤)،و"لسان الميزان"لابن حجر (٤/ ٣٤٢) .

<<  <   >  >>