للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليٍّ عن عذاب القَبْر، فقال: سألتُ الشّحَّامَ (١)، فقال: ما مِنّا أحدٌ أنْكَره، وإنّما يُحكَى ذلك عن ضرار) (٢) .

وقال القاضي أيضًا: (وجُمْلةُ ذلكَ - أي: عذابُ القَبْر -: لا خِلافَ فيه بين الأمة، إلا شيءٌ يُحْكَى عن ضرار بن عمرو؛ وكان من أصحاب المعتزلة، ثم التحق بالمُجْبِرة. ولهذا ترى ابنَ الرّاوَنْدي يُشنّع علينا، ويقول: إنّ المعتزلة يُنكِرون عذاب القَبْر، ولا يُقِرّون به) (٣) .

وأمّا بِشْر المريسي؛ فقد ساق الخطيبُ البغدادي بسنده عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، قال: (دخل حميد الطوسي على أمير المؤمنين - وعنده بشر المريسي -، فقال أميرُ المؤمنين لحميد: أتدري من هذا يا أبا غانم؟ قال: لا. قال: هذا بشر المريسي. فقال حميد: يا أمير المؤمنين! هذا سيد الفقهاء، هذا قد رفع عذاب القَبْر، ومسألة منكر ونكير، والميزان، والصراط. انظر: هل يقدرُ أن يرفعَ الموت؟ ثم نظر إلى بشر، فقال: لو رفعت الموتَ كنتَ سيّدَ الفقهاء حقًّا) (٤) .

ومِن هنا يتحصّل أنّ في نِسبة نفْيَ (عذاب القَبْر) إلى عموم المعتزلة = نظرًا. والإنصاف يقتضي عدم التشنيعِ على المذاهب بشذوذات أفرادِها؛ مما يتبرّأ جُلُّهم منها (٥) .


(١) أبو يعقوب، يوسف بن عبد الله بن إسحاق الشَّحّام. أحدُ رءوس المعتزلة، انتهت إليه رئاسة الاعتزال في البصرة. وكان من أصحاب أبي الهُذيل. وله كُتُبٌ في الردّ على= =مخالفيهم، وفي تفسير القرآن. عاش ثمانين سنة.="طبقات المعتزلة"لابن المرتضى (٧١ - ٧٢) .
(٢) " طبقات المعتزلة " لأحمد بن يحيى المرتضى (٧٢) .
(٣) "شرح الأصول الخمسة" (٧٣٠) . وانظر:"فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة" (٢٠١)،و"كشف الفضايح اليونانية " للسَّهْروردي (١٤٨) .
(٤) "تاريخ بغداد" (٧/ ٦٠) .
(٥) انظُرْ - مثلًا - ممن غلط في نسبة نفي عذاب القَبْر ونعيمه إلى عموم المعتزلة: الأشعري في"مقالات الإسلاميين" (٤٣٠)،وأبو المُظَفَّر الإسفرائييني في"التبصير في الدين" (٦٦ - ٦٧) .

<<  <   >  >>