للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا عاينتم عالِمًا، ولا حاسًّا إلَاّ حيًّا له حياةٌ، كما جاز عندكم وجود الحياة في جِسْمٍ تُحْرِقُه النَّارُ، وإن لم تكونوا عاينتم جِسْمًا تتعاقبه الحياةُ مع احتراقهِ بالنَّار.

فإن قالوا: إنَّما أَجزنا ما أجزنا من بقاء الحياة في الجِسمِ الَّذي تحرقه النار في حال إحراقه النار، تصديقًا مِنَّا بخبر الله جلَّ ثناؤه.

قيل لهم: فصدَّقتم بخبر الله -جلَّ ثناؤه -بما هو ممكنٌ في العقول كونُه=أو بما هو غيرُ ممكن فيها كونه؟ فإن زعموا أنَّهم أجازوا ما هو غير ممكن في العقول كونه =زعموا أنَّ خبر الله عزَّ وجلَّ بذلك تُكذِّب به العقولُ وترفع صحته، وذلك كُفْرٌ عندنا وعندهم. ولا إخالهم يقولون ذلك. فإن زعموا أنّه تعالى ذكره أخبر من ذلك بما تصدقه العقول .. ) .

ثم ساق كلامه الذي تقدم نقله عنه.

ومما سبق يُعلَم أنّ البَوْنَ لائح بين مقام الردّ والحِجاج الذي يَسْتدعي نصب الحديث فيما هو محل النزاع، وإمْطَار المُخالف بصنوف القوادح والإلزامات التي تكْشِف له فساد مذهبه، وكل ذلك يلزم منه عدم استيفاء العبارة فيما خرج عن أَصل الخلاف =وبين مقام التقرير الذي تُبسط فيه الدَّلائل، وتُحرَّرُ فيه المَسَائِلُ= وعلى هذا؛ فلا يمكن القطْع بنَحْلِ الإمام ابن جرير - رحمه الله - هذا القولَ، وأنّه عقَدَ قلبَه عليه. لانتفاء البرهان على ذلك. والله أعلم.

<<  <   >  >>