للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضعيفٌ جِدًّا؛ فإن حياة الرُّوح ليست حياة تامّةً مستقلّة كالحياة الدنيا، كالحياة الآخرة بعد البعث، وإنّما فيها نوع اتصالٍ بالبَدَنِ، بحيث يحصل شعور للبدن، وإحساس بالنعيم والعذاب، وغيرهما. وليس هو حياة تامّةً؛ حتى يكون انفصالُ الرُّوح به موتًا تامًّا، وإنما هو شبيهٌ بانفصال روح النائم عنه، ورجوعها إليه؛ فإن ذلك يُسمّى موتًا وحياةً) (١) .

وأما اشتراط سلامة البِنْيَةِ وعدم انتقاضها، ليصح حلول الرُّوح فيها = فهذا مدفوعٌ، ولا يُسلَّم لهم. من وجهين:

الأول: أنّ البِنْيَةَ لا تنتقض بالموت نفسه، فقد يبقى بعضُ الموتى في قبورهم على بِنْيتِهم زمانًا، ولا يتغير حالهم. وقد ثبتَ النصّ بتخصيص بعضهم بذلك؛ كالأنبياء عليهم السلام، للحديث الثابت من حديث أَوْس بن أَوس - رضي الله عنه -، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثِروا عليّ من الصلاة فيه، فإنّ صلاتكم معروضةٌ عليّ) قال: فقالوا: يا رسول الله، وكيف تُعرَضُ صلاتُنا عليكَ وقد أَرمْتَ؟ قال: يقولون: بَلِيْتَ. قال: (إنّ الله تبارك وتعالى حرّم على الأرضِ أجسادَ الأنبياء) (٢) . والشهداءُ؛ على قولٍ لبعض أهل العلم (٣) .

الثاني: إنّه وإن انتقضت بعض البنية؛ فلا يمنع هذا الانتقاض من


(١) "أهوال القبور" (١٥٢ - ١٥٣) .
(٢) أخرجه أبو داود في السنن، كتاب الصلاة، باب: الاستغفار (٢/ ١٢٤ رقم [١٥٣١]) والنسائي في"السُّنن" كتاب"الجمعة"،باب"إكثار الصلاة على النبي يوم الجمعة" (٣/ ٩١)،وابن ماجه في: كتاب"إقامة الصلاة"، باب"في فضل الجمعة" (٢/ ٨ رقم [١٠٨٥]) والحاكم في مستدركه (١/ ٢٧٨) وقال عنه: (هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرِجاه)،وصحَّحه النَّووي في "الأَذكار" (٢١٠)،وابن قيِّم الجوزيَّة في "جلاء الأَفهام" (١٥٠)، والألباني في "صحيح سنن أَبي داود" (١/ ٢٩٠) .
(٣) انظر:"التذكرة"للقرطبي (١/ ٤١٥)،و "مشارع الأشواق" لابن النّحاس (٢/ ٧٠٠ - ومابعدها)، والتمهيد (٦/ ٣٢٨) .

<<  <   >  >>