للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمّا ما يَخْدِشُ هذا الإجماعَ من جهة النَّظر إلى تضمُّنهِ وزن الأعمال؛ أنَّه قد يقال: يعكر على هذا الإجماع ما ذهبَ إليه بعض أهل العلم - رحمهم الله - من أنّ الموزون هي صحائف الأعمال؛ فيكون هذا القول مصادمًا للإجماع، أو نقْضًا له.

فيقال: هنا مقامٌ يتأكد فيه تحرير الجُمَل التي انعقد عليها الإجماع.

بيان ذلك: أن الإجماعَ منعقد على أمرين:

الأول: ثبوت الميزان ثبوتًا حِسّيًّا لا معنويًا، كما دلّت عليه الدَّلائل.

الآخر: ثبوت الوزن للأعمال حقيقةً؛ سواءً كان هذا الوزن للأعمال مباشرةً، أو لصحائف الأعمال، أو للعامل. ولكلٍّ من هذه الثلاثة الصُّورِ =دليلها الذي يدلّ عليها.

فأما القول الأول؛ وهو: أن الأعمال تُوْزَن بنفسها. فقد رجّحه جماعةٌ من أهل العلم؛ كابن حزم (١)، والحافظ ابن حجر العسقلاني؛ حيث قال: (والصحيح: أن الأعمال هي التي تُوْزَن) (٢)، وتلميذه الإمام شمس الدين السخاوي (٣) .

وأما القول الثاني: فقد ذهب إليه أيضًا جمهرةٌ مِن أهل العلم؛ كالإمام القرطبي - رحمه الله -؛ حيث قال - بعدَ أن أورَد أثر ابن عمر - رضي الله عنه -: " تُوْزَن صحائفُ الأعمال" (٤) -: (وهذا هو الصحيح، وهو الذي ورد به الخبر على ما يأتي) (٥) .


(١) "الدرة" (٢٨٨) "
(٢) "فتح ا لباري"لابن حجر (١١/ ٢٤٩) حيث نقله عن الطيبي ولم يتعقَّبه.
(٣) "تحرير المقال"للسخاوي (٢٧) .
(٤) "الجامع لأحكام القرآن" (٧/ ١٦٥) . وأورده القرطبي بلا إسناد.
(٥) المصدر السابق.

<<  <   >  >>