للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أعراضًا -: (الجواب: أما ما ذكروه في بيان تعذُّر وزْن الأعمال، فمنْدفِعٌ بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمّا سُئل عن وزن الأعمال: (إنّما تُوْزَن الصّحفُ) . ) (١) .

والحديث بهذا اللفظ لم أقف عليه، ويغلِب على الظنّ، أحد أمرين:

الأول: إمّا أنَّه ينقل بالمعنى ما ورد في النصوص من وزْن السجلات يوم القيامة، فصاغه، أو نقل عمّن صاغه، على هيئة حديث يرفعه للنبي - صلى الله عليه وسلم -. وهذا قد يقع للمتكلمين؛ فإنه لا خبرة لهم بِمُفصَّل السُّنَّة؛ لقلّة الاشتغال بها. لأنَّها لا تفيد إلاّ الظنّ عندهم فحرِيٌّ بمثل مَنْ يعتقد هذا الاعتقاد أن يقلّ اطّلاعه على السُّنن، وأَن يُقلِّد غيره في نسبة أحاديث لا تصح إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.

الآخَر: أن يكون أراد ما نُسِب إلى ابن عمر رضي الله عنهما، أنه قال: (تُوْزَن صحائف الأعمال) فأخطأ وعزاه للنبي - صلى الله عليه وسلم -، مع لَحْظِ أنّ أثر ابن عمر - رضي الله عنه - ذَكَره القرطبي - رحمه الله - بلا إسنادٍ (٢) يُعرف به مدى صحته؛ ليتم الاحتجاج به، أو ضعفه ليُترَك.

وعلى كلٍّ؛ فإن الأشاعرة رأوا أن في هذا القول خروجًا من لوازمَ باطلةٍ؛ سَتَرِد عليهم. بل إنّ الفرار من هاجس موافقة المعتزلة في اللازم الذي طردوه بناءً على أصلهم؛ حَمَل بعض محقّقيهم على إيراد كلّ ما حصّله من الأجوبة لدفْع شُبهة المعتزلة؛ حتى لو كان بعض هذه الجوابات الموردة لا دليلَ يُحصَّل عليها.

شاهِدُ ذلك =ما ساقه الجلال الدواني في حاشتيه على " العقائد العضدية " في الجواب عن شبهة الأعراض؛ حيث قال: (وليس علينا البحث عن كيفيته؛ بل نؤمن به، ونفوِّض كيفيته إلى الله تعالى.


(١) "أبكار الأفكار" (٤/ ٣٤٦) .
(٢) انظر"التذكرة" (٢/ ٧٢٢)،ونقله عنه أيضاالحافظ ابن حجرولم يُخرجه، انظر"الفتح" (١٣/ ٦٧٢ - ط/دارالسلام) .

<<  <   >  >>