للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنها بالحسنات والسيئات؟) (١) .

=أمّا جواب المعارض الآخر: الذي يتضمّن إنكار فائدة الوزن مع تحقُّقِ علم الله.

فيقال: جهْلُ المخاطب بالحكمة من ذلك، لا يعني انتفاء الحكمة؛ فعدمُ العلم ليس علمًا بالعدم. فإن الله متّصِف بكمالِ الحكمة والعلمِ. ومُحالٌ أن تكون أفعالُه خاليةً من الحكمة؛ فإنّ ذلك عبَثٌ يُنَزَّه عنه الباري تبارك وتعالى. فوجبَ الإيمانُ بما نطقت به النصوص، والتسليم لها.

فإن ظهرَ لبعض المكلَّفين وجوه من الحِكَم والمصالِح؛ فَبِها ونِعْمتْ، وإلاّ أُجريَ الأصْلُ المعقودُ سابقًا على بابه. فما وزن الأعمال مع علم الله تعالى بمقاديرها قبل كونها = إلَاّ نظير إِثباته إيَّاها في أُمِّ الكتابِ واسْتنساخه ذلك في الكتاب من غير افتقار به إليه، ولا خوف من نِسْيانه، وهو العالم بكلِّ ذلك في كُلِّ حالٍ - عز وجل - (٢) .

وقد تلمّس بعض أهل العلم، الحِكَمَ من وزْن الأعمال مع علم الربّ تبارك وتعالى بها؛ فمن تلك الحِكَم:

١ - إظْهار كمال عدل الربّ تبارك وتعالى، وأنّه لم يظلمْ مثقال ذرّة من خير أو شرّ. قال الإمام مرعي الكرمي - رحمه الله -: (الحكمة منه: إظهارُ العدل، وبيان الفضل؛ حيث إنه تعالى يَزِنُ مثاقيل الذّرّ من الأعمال: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (٤٠)} النساء) (٣) .

٢ - تعجيل مَسرّة المؤمن، وغمِّ الكافر. وهذا يوم القيامة.

٣ - أنَّ في علم العبد أن أعمالَه ستُوْزَن يوم القيامة = فائدةً في


(١) تفسير المنار (٨/ ٣١٣)
(٢) انظر"جامع البيان" (١٠/ ٧٠ - ط/هجر) .
(٣) "تحقيق البرهان" (٦٥) .

<<  <   >  >>