للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النُّصوصِ من إثبات الصراط , وما اتصف به من الصفات , واختلفت مواقفهم تجاه تلك الأدلة.

وهي لا تخرج في جُمْلتها عن أحد موقِفين

- إمَّا: ردّ تلك الدلائل مطلقًا , وإنكار الصراط رأسًا.

- وإمَّا: تأويل الصراط أو تأويل صفاته الواردة في الأحاديث الصحيحة.

مَن رَدَّ تلك الدلائل مطلقًا:

وممن ذهب إلى إنكار الصراط رأسًا: الجهم بن صفوان (١) رأس الجهمية وإمامهم , ونُسِب إلى بعض أَعيان وشيوخ المعتزلة، كواصل بن عطاء، وعمرو بن عبيد، وأَبي الهذيل، وبِشر بن المعتمر (٢)،وبشرٍ المريسي (٣).

ومما ينبغي أن يُلخط أن في نسبة " إنكار الصراط " إلى جُملة المعتزلة = نظرًا؛ لأنَّه قد وجد من أَئمة المعتزلة من يُثبت أَصل الصراط , كإِثبات القاضي عبد الجبار , وإن كان إثباته له إِثباتًا منقوصًا , لِنفْيه صفاتِه التي وردت بها السُنّة. - كما سيأتي بحول الله - ولذلك تراه ينكر على مشايخه تأويلهم للصراط بأنه: (الأدلة الدالة على الطاعات، التي من تمسك بها نجا وأفضى إلى الجنة، والأدلة الدالة على المعاصي التي من ركبها هَلَك واستحق من الله تعالى النار) (٤).

بأنّ: (ذلك مما لا وجه له؛ لأنَّ فيه حَمْلًا لكلام الله تعالى على ما ليس يقتضيه ظاهره. وقد كرّرنا القول في أن كلام الله تعالى مهما أمكن حمله على حقيقته فذلك هو الواجب، دون أَن يصرف عنه إلى المجاز) (٥).


(١) انظر"التنبيه والرد" (١١٣ , ١٢١).
(٢) انظر:"شرح عقيدة مالك الصغير"للقاضي عبدالوهاب المالكي (٩٨).
(٣) انظر:"تاريخ بغداد" (٧/ ٥٣٤ , ٥٣٧).
(٤) "شرح الأصول الخمسة" (٧٣٨).
(٥) المصدر السابق (٧٣٨).

<<  <   >  >>