للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالمحققون من أهل السنة وغيرهم (١) ينازعون في امتناع التكليف فيها , والدلائل الشرعية على ثبوت ذلك كثيرة، والنّاظر فيها يَرَى أنَّ التكليف الواقع في هذه المواطن ليس المراد منه - فيما يظهر - ترتب الثواب والعقاب عليه على جهة الاطّراد؛ بل قد يُراد به - والله أعلم - في بعض المواطن غير ذلك.

ومجمل متعلقات التكليف-فيما يظهر والعلم عند الله- تدور على:

١ - إظهار الحال: كامتحان المقبورين في قبورهم , بسؤال الملكين لهم، وتكليفهم الجواب على ذلك (٢). وكأمر الله للمؤمنين والمنافقين بالسجود له حين يكشف الربُّ تبارك وتعالى عن ساقه، كما ثبت في حديث أبي سعيد الخدري، وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: (فيسجد له كل مؤمن , ويبقى من كان يسجد لله رياءً وسمعة , فيذهب كيما يسجد , فيعود ظهره طبقًا واحدًا) (٣)، وكامتحان مَن لم تقم عليهم الحُجَّةُ في الدُّنيا في عَرَصَات القيامة, كما هو ثابت من حديث الأسود بن سريع (٤)، وغيره.


(١) وممن قال بعدم انقطاع التكليف بعد الموت: أبو الحسن الأشعري في"الإبانة" (٢٨)،وابن حزم، كما في"الدُّرَّة" (٤١٤)، و"الإحكام"له أيضًا (١/ ٦١) والبيهقي كما في"الاعتقاد" (٢٠٤) وشيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم كما سيأتي النقل عنهما، والحافظ ابن حجر في"الفتح" (٣/ ٣١٣ - ط/دار السلام)،وغيرهم.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) أخرجه البخاري مطوَّلًا في: كتاب"التوحيد"باب"قوله تعالى {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)} (٩/ ١٢٩ - رقم [٧٤٣٩]).
(٤) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٤/ ٢٤)، وابن جبان في"صحيحه" (١٦/-رقم [٧٣٥٧]-الإحسان)،والبيهقي في"الاعتقاد" (٢٠٢) وصححه، و صححه أيضًا ابن القيم في:"طريق الهجرتين" (٢/ ٨٧٣) و الهيثمي في المجمع (٧/ ٢١٦) فقال: (رجال أحمد في طريق الأسود بن سريع وأبي هريرة=رجال الصحيح)،و الألباني في صحيح الجامع (١/ ٢١٣ - رقم [٨٨١]).

<<  <   >  >>