للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدُهما: قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يُؤْتى بالموت يوم القيامة في صورة كبش ... ) فإنّ مَنْ قام عنده البرهان على أن الموت عَرَضٌ أو عدم عَرَضٍ، وأن قلب العرض جسمًا مستحيل غير مقدورٍ = يُنزَّلُ الخبرُ (١) على أن أهل القيامة يشاهدون ذلك، ويعتقدون أنّه الموت، ويكون ذلك موجودًا في حسّهم، لافي الخارج، ويكون سببًا لحصول اليقين باليأس عن الموت بعد ذلك؛ إذْ المذبوح ميئوسٌ منه .. (٢) ومن يقم عنده هذا البرهان، فعساه يعتقد أن نفس الموت ينقلب كبشًا في ذاته ويُذبَح) (٣) .

ويقول المَازِري: (الموتُ عندنا عَرَضٌ من الأعراض، وعند المعتزلة عَدَمٌ مَحْضٌ. وعلى المذهبين لا يصحّ أن يكون كبشًا ولا جسمًا: والمراد التمثيل، ... والتشبيه) (٤) .

وقد نحا هذا المنحى في الاستبعاد والإحالة من المعاصرين: الدكتور يوسف القرضاوي؛ فبعد أن نقل إنكار العلاّمة أحمد شاكر - رحمه الله - على ابن العربي في تأويل الحديث، وأن القضايا الغيبية لا تدركها العقول؛ لعجزها، وقصورها، وأن مسْلك الشيخ أحمد شاكر يقوم على " منطق قوي ومقنِع " (٥) =حاد - هداه الله - عن الجادّة، وعاد إلى نُصرة طريقة المؤولين لهذه النصوص فقال: (وكلام الشيخ - رحمه الله -[يعني: أحمد شاكر] قويّ ومُقنِعٌ = ولكنه في هذا المقام خاصّةً غير مُسَلَّم، والفرار من التأويل هنا لا مبرّر له، فمن المعلوم المتيقّن الذي اتفق عليه العقل


(١) في النسخة المطبوعة:"الخير".
(٢) لعلّ في الكلام في هذا الموطن سَقْطًا؛ لأنه مخالف لما سبق أن قرره في الأحرف السابقة.
(٣) فيصل التفرقة (٢٥٨ - ضمن رسائل الغزالي) .
(٤) نقلًا عن:"رفع الصوت بذبح الموت"للإمام السيوطي (٢/ ١٨٢ - مُدْرَجٌ ضمن الحاوي للفتاوي) .
(٥) "كيف نتعامل مع السنة النبوية" للقرضاوي (١٦٢) .

<<  <   >  >>