للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الماضي والمستقبل من جهة العقل؛ بأنَّ الماضي قد دخل في الوجود بخلاف المستقبل. والممتنع إنما هو أن يدخل في الوجود ما لا يتناهى) (١) .

ومما أورده المخالفون على بقاء عذاب النار خصوصًا =أن دوام الإحراق مع بقاء الحياة خروج عن مناهج العقل.

وقد أورد هذا الاعتراض صاحبُ المواقف , ولم يُسمِّ صاحبه (٢)

وممَّا أوردوه على خصوص حديث ذبح الموت، أنّ الموت عَرَضٌ، فكيف يُذبح؟

وفي تقرير ذلك يقول القرطبي - رحمه الله - في تَوْجيه الحديث: (ومُحالٌ أن الموتَ ينقلِبُ كبشًا؛ لأن الموت عَرَضٌ، وإنّما المعنى: أن الله سبحانه وتعالى يخلق شخصًا يسمّيه الموت، فيُذبَح بين الجنة والنار) (٣) .

ولم يقف التحريف عند هذا الحديث فحسب؛ إذْ لو كان كذلك لهان الأمر، ولَعُدّت " سَقْطَةً " تُطوَى ولا تُذْكَر؛ بل إن القرطبي في هذا الموضع يؤسس قانونًا كُلِّيًا لكلّ ما يَرِدُ من النصوص التي تدل بأنّ العرض يمكن أن يُعامَل في الآخرة معاملة الجواهر والأجسام؛ فيقول بعد ذلك: (وهكذا كلّما (٤) ورد عليك في هذا الباب: التأويلُ فيه ما ذكرتُ لك. والله أعلم!!) (٥) .

ومن قبله يقول الغزاليّ - بعد أن رَسم للناظر في النصوص درجاتٍ للتأويل، وما يسوغ فيه التأويل، وما لا يسوغ -: (وأمّا الوجود الحسّي فأمثلته في التأويلاتِ كثيرةٌ. واقْنَعْ منها بمثالَيْنِ:


(١) "الرد على من قال بفناء الجنة والنار" (٤٥) .
(٢) انظر:"المواقف"للايجي (٣/ ٤٩٧ - مع شرح للجرجاني) .
(٣) "التذكرة" (١/ ٣٨٦) .
(٤) هكذا رُسمت في النسخة المحققة. ولعل الصواب:"كلّ ما". فـ"ما"هنا موصولة.
(٥) "المصدر السابق ".

<<  <   >  >>