للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي بيان قولهم يقول الإسكافي (١): (في إيجاب أن حركةً قبل حركةٍ لا إلى أوَّل إيجابٌ: أن الفاعل لم يسبق فعله، ولم يكن قبله؛ وهذا مُحالٌ , وليس في إيجاب أن فِعْلَ بعد فعلٍ لا إلى آخر، إيجابٌ أن الفاعل لم يتقدم فِعْله، ولم يكن قبله) (٢) .

أي: أن في القول بحوادث لا أوَّل لها؛ يلزم منه قِدَمُ العالم مع الله تبارك وتعالى، بخلاف القول بحوادث لا آخر لها.

ويقول الجويني؛ إجابةً على اعتراض من اعترض بأنَّه: إذا لم يبعُد إثبات حوادث لا آخر لها كما ثبت ذلك في نعيم الجنة، لم يبعد إثبات حوادث لا أوَّل لها:

(قلنا: المستحيلُ أن يدخل في الوجود ما لا يتناهى آحادًا على التوالي , وليس في توقّع الوجود في الاستقبال والمآل قضاءٌ بوجود ما لا يتناهى ... وضرب المُحصّلون مثالين في الوجهين , فقالوا: مثال إثبات حوادث لا أوَّل لها: قول القائل لمن يخاطبه: لا أُعطيك درهمًا إلا وأعطيك قبله دينارًا , ولا أُعطيك دينارًا إلَاّ وأعطيك قبله درهمًا. فلا يتصور أن يُعطى على حكم شرطه دينارًا، ولا درهمًا.

ومثال ما ألزمونا: أن يقول قائل: لا أعطيك دينارًا إلا وأعطيك بعده درهمًا , ولا أعطيك درهمًا إلَاّ وأعطيك بعده دينارًا. فيتصور منه أن يجري على حكم ... الشرط) (٣) .

قال شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله - في تحرير قول المتكلمين: (والأكثرون الذين وافقوا جَهْمًا , وأبا الهذيل على أصلهما , فرّقوا بين


(١) الإسكافي (؟ -٢٤٠ هـ):هو محمد بن عبدالله السمرقندي، أبو جعفر الإسكافي، من متكلمي المعتزلة وصف بالذَّكاء وسعة المعرفة مع الدِّين والتصون، من تصانيفه:"الرَّد على من أنكر خلق القرآن"،و"تفضيل علي"=انظر:"السير" (١٠/ ٥٥٠) .
(٢) نقله عنه أبو الحسن الخياط في الانتصار (١٩) .
(٣) "الإرشاد" (٢٦ - ٢٧) .

<<  <   >  >>