للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعل آدم - عليه السلام -. فيكون في ذِكْر القدر إذْ ذاك من التوحيد ومعرفة أسماء الرب وصفاته وذكرها ما ينتفع به الذَّاكرُ والسَّامِعُ؛ لأنَّه لا يدفع بالقدَر أمرًا ونهيًا، ولا يُبطل به شريعة؛ بل يخبر بالحق المحض على وجه التوحيد والبراءة من الحول والقُوَّةِ .. وأمَّا الموضعُ الذي يضرّ الاحتجاج به = ففي الحال، أو المستقبل؛ بأن يرتكب فِعْلًا مُحرَّمًا، أو يترك واجبًا، فيلومه عليه لائم، فيحتج بالقدر على إقامته وإصراره، فَيبْطل بالاحتجاج به حقًا، ويرتكب باطلًا = ونكتة المسألة: أنَّ اللومَ إذا ارتفع؛ صَحَّ الاحتجاج بالقدر، وإذا كان اللوم واقعًا؛ فالاحتجاجُ بالقَدَرِ باطلٌ) (١) .

واختار هذا الجمع أيضًا الإمام ابن الوزير - رحمه الله - (٢) .

ولوم موسى - عليه السلام - على الذنب لكونه سببًا لإخراج آدم والذرية من الجنة؛ لا أنّه لَوْمٌ على الذنب لِذاتِه؛ كما ذهب إليه أصحاب النَّظرِ الأوَّل. وهذا هو الفارق بين النظرتين.

وخلاصة القول: أنّ النَّظر الثالث متضمن للنَّظرِ الثَّاني وزيادة، وكلاهما له ما يدل عليه.

وأَمَّا النظر الأول فَمرْجوحٌ؛ ذلك أن موسى - عليه السلام - لم يَنُطْ لَوْمَه بالذنب، ولم ينطق بذلك. فإناطة اللوم بذلك مع سكوت النص عنه دعوى لا دليل عليها.

فإذا استبان لنا بطلان هذا الوجه من النظر = لزم من ذلك بطلان ما اندرج تحتها من أقوال. وزيادة في البيان، يقال:

أما القول الأول: فلا يصح؛ لثلاثة أوجهٍ:


(١) "شفاء العليل" (١/ ٩٤ - ٩٥) .
(٢) انظر: "الروض الباسم" (٢/ ٤٦٥) .

<<  <   >  >>