للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الأول: أن آدم - عليه السلام - لم يَجْرِ على لسانه ذِكْر الذنب والتوبة منه، ولا جعل ذلك حجة على موسى - عليه السلام -.

الوجه الثاني: عِلْمُ موسى - عليه السلام - بالله وبدينه يحول دون لوم آدم - عليه السلام - على ذنب قد أخبره الله تعالى أن فاعله تاب منه، وأنه اجتباه بعدُ، وهَداه.

الوجه الثالث: ما سبق ذكره من كون ذلك يستلزم إلغاء ما علق به النبي - صلى الله عليه وسلم - وجه الحجة، واعتبار ما ألغاه = وما كان كذلك؛ فيسقط الاعتداد به (١) .

وأما القول الثاني: وهو أن اللوم والمحاجة كانا في غير دار التكليف .. الخ = فلا يَصحُّ أيضًا؛ لأن آدم لم يتطرق لذكر دار التكليف، فالله يلوم من استحق اللوم في غير دار التكليف فيلومهم بعد الموت، ويلومهم يوم القيامة (٢) .

وأما القول الثالث: وهو أن آدم غلب بالحجة لكونه أبًا لموسى .. الخ فقول لا يصمد لسهام النقد، فإن حُجة الله يجب المصير إليها مع من كانت؛ سواءً مع الأب، أو الابن، أو غيره من الخلق (٣) .

وأما القول الرابع: وهو أن آدم غَلَبه؛ لأَنَّ في شريعته أَنَّ المُخَالف يجوز له أن يحتج بسابق القدر .. الخ =فدعوى لا دليل عليها؛ إذ العِلمُ باختلاف ذلك في الشريعتين موقوف على النقل، ولا نقل = فبطل هذا القول.

وبعد سَوْق أنظار أهل العلم في القدر المختلف فيه من الحديث = يتجلّى أنّهم مع اختلافهم في هذا القدر متفقون على أن حقيقة ظاهره لا تدل على تسويغ الاحتجاج بالقدر على المعايب، وإسقاط الملامة عمّن


(١) انظر:"مجموع الفتاوى" (٨/ ٣١٩،٣٢١)، و"شفاء العليل" (١/ ٨٤) .
(٢) انظر:"شفاء العليل" (١/ ٨٤) .
(٣) انظر: "المصدر السابق" (١/ ٨٤) .

<<  <   >  >>