على الصغيرة ... الخ =فدعوى لاحظّ لها من النَّظَرِ؛ لأنَّه قد سبقَ القَولُ أَنَّ نبيَّ الله موسى - عليه السلام - لم ينطقْ بذلك، ولم يقعْ التصريحُ باللَّومِ في سياق حِواره لآدم - عليه السلام - = فسقط حينئذٍ الركون إلى هذه الدعوى.
وأما جواب الاعتراض الثاني: أن الولد لا يحقّ له مشافهة والده بالقول الغليظ = فيقال: تحديد غِلْظة القول ولِيْنِه أمرٌ نِسْبيٌّ، ثم لو قُدِّر الاتفاق على أن في خطاب موسى - عليه السلام - لأبيه آدم نوع من الغِلظة = فإن الحامل له على ذلك - عليه السلام - أمران:
الأوَّل: ما جبل الله موسى - عليه السلام - عليه من القوةِ في الحق والحَميَّة، اللّتين كانتا سِمَتين من سمات طبيعة هذا النبي الكريم - عليه السلام -. هذه القوة هي التي دفعته على أنْ يُلقِيَ الألواح التي كتبها الله لهُ، وأن يبطش بأخيه هارون؛ لِمَا رأى من جرأة قومه على الله لمّا استخفهم السامري، وحَسَّن لهم عبادة العجل. قال تعالى:{وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ... } الأعراف: ١٥٠.
والأمر الثاني: أن هول مُصيبة الإخراج قد تُذهل عن التلطُّف في العبارة إلى العِتَاب واللّوم. فمَن نظر إلى هذين الأمرين وأَعطى النَّصَفَةَ من نفسه؛ فإنه -بلا ريب- سيزول عنه العَجَبُ عما اكتنف خطاب نبي الله موسى لأبيه آدم - رضي الله عنه -، وسيعلم أيضًا أن هذا الاعتراض لا ينهض لإبطال الحديث.
وأما جواب الاعتراض الثالث: وهو دعواهم أنَّ في لوم موسى آدم أنه كان سببًا في إخراج الذرية .. الخ.
نعم، لما كان لَوْمُ موسى - عليه السلام - على المصيبة غير واردٍ على آدم - عليه السلام -؛ كانت الحجة لآدم. قال الإمام ابن تيمية: ( .. إن آدم لم يظْلمْ أولاده. بل إِنما وُلدوا بعد هبوطه من الجنة. وإنما هبط آدم وحواء، ولم يكن معهما ولد؛ حتى يقال: إن ذنبهما تعدّى إلى