للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وثانيًا: أن يضعوا أيدينا على مواطن هذا "التسرب الأجنبي"، مع الإِبانة عن أصوله المدّعاة.

فإن لم يفعلوا - ولن يفعلوا - عُلِم زيفُ دعواهم، وخَوْضهم الباطل في هذا الباب.

وبهذا يتحصّل: أنّ رفض ما تضمّنته الأدلّة الشرعية من الغيبيّات بدعوى أنها معرفة غير عقلية = لا يقوم على أَساس علميّ.

وممَّا يُكذِّب تلك الدعوى ما عُلِم- بداهةً - من هدْم الشريعة منذ أن بزغَ نورُها، وسطع فجْرُها لكلّ ما تعلَّق به العربُ من أَوهامٍ، وخرافات عدّوها لأنفسهم علومًا؛ كالطِيرة، والعيافة، والزجر. وغير ذلك مما افترعوه ونشروه كذبًا؛ كدعواهم خروج طائر من دم القتيل يسمّى: الهامة. ودعوى تعرّض الغُول لهم في أسفارهم (١) .

بل إنَّ الله تعالى وصف الاعتقاد الباطل بأنّه اعتقاد الجاهلية، فقال: {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} آل عمران: ١٥٤

فكيف يُدّعَى بعدُ أنّ ما أخبر به الشارع من حقائق يمثّل ضرْبًا من التواصل والاستيعاب للموروث الأسطوري الجاهلي؟!!

غاية ما عند النافي=هو جهله بإمكان الاستدلال العقلي على تلك العقائد، فنَصَب جَهلَه بالإمكان مقياسًا لردّ كلّ حقيقةٍ جهِل دليلَها. ولا ريب أن ذلك ضرب من ضروب السفسطة.

والذي ينبغي لحْظُه في هذه الموارد؛ هو: أن أهل السنة والجماعة مع قولهم بإمكان الاستدلال العقلي على الحقائق الغيبية، إلاّ أنهم مع هذا يقرّرون أنَّ الأدلة النقلية قد نبّهت على الأدلة العقلية التي تُثبِت تلك


(١) انظر في خرافاتهم التي كانوا يعتقدونها قبل الإسلام: "بلوغ الأرب" للعلامة محمود شكري الآلوسي (٢/ ٣٠١ - ٣٦٧)،و"أديان العرب وخرافاتهم"للأب أنستاس الكرملي.

<<  <   >  >>