للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحقائق. فما أمكن الاستدلال العقلي عليه من الغيبيّات فلا بد أن يكون دليله العقليّ قد دلّ عليه الوحْي؛ ضرورة أن الله قد أكمل دينه. وهذا الكمال لا يتأتّى مع القول بإمكان أن يستقل العقل على إثبات أمرٍ غيبيّ يُعَدّ من دين الله، وتكون الدلالة السمعية قد قصُرت عن بيان ذلك؛ فإنّ هذا ممتنع، بل لا بد أن يكون في مطاوي الأدلة النقلية ما ينبّه على الدلائل العقلية؛ ما يُغنِي في إثبات هذه العقائد؛ سواءً كان ذلك بدلالة المطابقة، أو التضمُّن، أو اللّزوم.

وبهذا يتبيّن خطأُ مَنْ ظَنّ أنّ الأدلّة الشرعية أخبارٌ محْضةٌ لا تتضمّن الأدلة العقلية التي تثبت بها المطالب الإلهية، وأمور الغيب.

قال ابن تيمية - رحمه الله -: (وكثير من أهل الكلام يظنّ أن الأدلة الشرعية منحصرة في خبر الصادق فقط، وأن الكتاب والسنة لا يدلاّن إلا من هذا الوجْه. ولهذا يجعلون أصول الدين نوعين: العقليّات، والسمعيّات. ويجعلون القسم الأول مما لا يُعلَم بالكتاب والسنة = وهذا غلَطٌ منهم. بل القرآن دلّ على الأدلة العقلية، وبيّنها، ونبّه عليها؛ وإن كان من الأدلّة العقلية ما يُعلَم بالعيان، ولوازمه) (١) .


(١) "درء تعارض العقل والنقل" (١/ ١٩٩) . وانظر كذلك: " الرد على المنطقيين" (٣٢٢) .

<<  <   >  >>