ومما قاله في ذلك: (ولا ينبغي أن تُنسينا الأساطير الإسلامية عن الجن والشياطين والملائكة ... الجانب التاريخي التطوري من المسألة؛ بل ينبغي لنا أن نقرأها قراءة أشبه بقراءة عالِم الآثار المُنقِّب من خبايا الأرض لطبقاتٍ من مصادر مختلفة، أو من عهود مختلفة؛ لمعرفة ما قد يكون منها امتدادًا لتصوّرات الجاهليين، أو لَبِنةً من لَبِنات بناء "رؤية الكون" في ظلّ الإسلام. ونحن ننطلق مبدئيًّا من أنها لم تنبثق من عَدَم، وإنّما تشكّلت في كل شروطها التاريخية. فلْنَمْضِ في وصْف علم الجنّ بكائنات لامرئية، وتختلف أشكالها، ومطاياها، ومواطنها ... حتى إذا نزعنا من استعراض تلك المادة الأسطورية ... أعدنا فيها النظر ضمن قراءة تأليفية ثانية، تجمع وتوحِّد، وتُقيِّم مختلف شبكات الدلالات الرّمزية، والأسطورية الكامنة، والتي لا تظهر من الجزء، وإنما من إدراجه ضمن الكل) (١) .