للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجن الذي أنصت للقرآن الكريم بمكة؛ يقال: إنّه قدِم إليها من يثرب قبل الهجرة، وبعد إيمانه أخذ على عاتقه الدعوة إلى دين الله بين قومه، بعد أن عاد من الحج إلى يثرب ثانيةً ...

وأطلق على هذا النفر اسم الجنّ؛ لأنه كان غير معروف بين المكيّين، وكان غريبًا عن مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو بمكة. ومن هذا التفسير يقال: إنّه تكوّنت نواة الأنصار بالمدينة. والرسول عليه الصلاة والسلام عندما هاجر إلى يثرب بعد ذلك بسنتين لم يهاجر إذن إليها في فراغ، وإنما هاجر إلى أحبّاء آمنوا به من قبلُ، وبرسالته، وبشّروا بها، ودعوا إليها جادّين قبل أن يهاجر هو، وصاحبه.

وإذا لم يُرِدْ باسم الجن هنا هذا الفريق الخيِّر الغريب غير المعهود من أهل يثرب؛ فإنه يقال: كيف يكون إيمانُهم بالقرآن؟ وكيف تكون معرفتهم بالتوراة قبله؟ {إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٠)} الأحقاف.؟ إنهم عرفوا ما لموسى من جوار اليهود بالمدينة من أهل خيبر، أو من بني النضير، وأنهم لو كانوا ملائكة من القوى النَّارية، أو النُّوريَّة: كيف يأخذون على عاتقهم التبشير بالإسلام بين قومهم؟ ... ) (١) .

وفي بعض الموارد يجعل "الجن" العالَم غير المرئي في مقابل "العالَم المرئي" الذي يخصُّهُ بالإنس؛ فنراه يقول في تأويل قوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ} الإسراء: ٨٨: (أي: العالَم المرئي، والعالم غير المرئيّ من مخلوقات الله) (٢) . الخ التناقضات التي يقررها الدكتور " البهيّ".

وعَدَّ "محمد عجينة" الجن والشياطين من الأساطير الإسلامية.


(١) "من مفاهيم القرآن في العقيدة والسلوك" (ص ١٣٣) نقلًا عن "عالَم الجن" (ص ١٢٤ - ١٢٥) .
(٢) "تفسير سورة الجن" (ص ٧) نقلًا عن "الاتجاهات العقلانية الحديثة" (ص ٢٩٥) .

<<  <   >  >>