لك ذلك بنص القرآن، أو رواية حديث = فهل يَصِحّ القياس عليهما في البول؟!».
فغفل أنه مع ورود النص بإثبات أن للشيطان بولًا يناسب طبيعة خلقه = فلا قياس حينئذٍ؛ لأن القياس إنما يصح عند انتفاء الدليل الدّالّ على الفرع المَقيس؛ أَمَّا مع وجوده فلا قياس!
والحقيقة: أن هذا الاعتراض - فيما يظهر - إنما نشأ للشبهة الثانية؛ وهي: ظنّه أن في ثبوت فعل الشيطان بالنائم هذا الفعل يلزم منه قدرةٌ تضاهي قدرة الله تعالى؛ فضلًا عن قدرة الملائكة، والأنبياء .. إلخ = فيلزم من ذلك: اعتقاد شريكٍ مع الله فيما يختص به الله. ويلزم منه أيضًا: أن يكون العبد مجبورًا على التفريط؛ لفعل الشيطان المعطَل له.
والجواب عن الشبهة الثانية، أن يقال:
الناظر يعلم بأنه لا يلزم من إسناد هذا الفعل إلى الشيطان أن تكون له قدرةٌ تضاهي قدرة الله عز وجل؛ فالشيطان مخلوقٌ، والله خالق؛ والمخلوق له فعل يناسبه لا يتجاوز قدرته المحدودة التي تلائم ضعفه وافتقاره، وكلاهما - أي الشيطان وفعله - مَخْلوقٌ لله عز وجل، تنفذ فيهما مشيئته جل وعلا. فأنى للمضاهاةِ أن تقع حينئذٍ؟ .. هذا أمر
والأمر الثاني: أنّ نعْت الشيطان بأن له قدرة تفوق قدرة الملائكة؛ فيه من صنوف التهويل والمبالغة ما يعجب له القارئ. والمقام العلمي يتوجب الاعتدال حين سَوق الأدلة؛ وهذا لم يتأتَّ للمُدّعي. فليس في إسناد هذا الفعل للشيطان تخصيصه بقدرة تفوق قدرة الملائكة. وأما الأنبياء، والأولياء؛ فلا شك أن للشيطان قدراتٍ تناسب طبيعته قد لا تكون للأنبياء والأولياء بأصل الخِلْقة؛ ومن ذلك: القدرة على التشكُّل، وسرعة الانتقال، والاستتار = كل ذلك ثابتٌ لهم بالدَّلائل