للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن عائشة أُمِّ المؤمنين رضي الله عنها، أنها قالت: (أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرُّؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فَلَق الصُّبْح) متفق عليه (١).

بالنَّظَرِ في المسوق من الأحاديث، يتجلَّى من جُمْلتها ما يلي:

أولًا: أن رؤيا الأنبياء وَحيٌ لا يَعْتَورها أَضغاث الأَحلام (٢).

ثانيًا: أنَّ المُدرك في المنام أمثلةٌ للمرئيات لا عين المرئيات. ثم قد تكون من قبيل التخييل الذي لا يطابق الحقيقة الخارجية مطلقًا، وإن كان قد يطابقها من بعض الوجوه فهذه حق من جهة أنَّ لها تعبيرًا صحيحا. وقد تكون مطابقة لها، فتظهر في الخارج على وفق ما أُدْرِكَتْ في المنام (٣).

ثالثًا: أنَّ ما يراه النَّائمُ لا يخلو إمَّا أن يكون نَوْعًا من الوحي، وإمّا لا يكون. فإن كان من قبيل الوحي = فهي الرُّؤيا الصالحة، وإلا فقد تكون رؤيا شيطانية مثّلها الشيطان في ذهن النائم، أَو تكون من حديث النَّفس. (٤)

رابعًا: الرُّؤيا الصالحة من الرَّجل الصالح نوع من الوحي. وهي جزء من أجزاء النبوة؛ تكون صادقةً، لا كاذبةً (٥)،ومعنى كونِها جزءًا من النُبوَّة =موافقتها النبوَّة في صدق الخبر عن الغيب؛ فهي إنباءٌ صادِقٌ


(١) البخاري كتاب "بدء الوحي" باب (٣) (١ - رقم (٣)) ومسلم كتاب "الإيمان" باب "بدء الوحي" (١/ ٣٥١ - ٣٥٢ - رقم [٦٩٨٢]).
(٢) انظر: "الأجوبة عن المسائل المستغربة" (٢٥٤)، "الفصل في الملل والنحل" (٥/ ١٢٤)،و"المفهم" (٦/ ١٧)،و"التلخيص شرح الجامع الصحيح"للنَّووي (١/ ٣٤٨).
(٣) انظر:"المفهم" (٦/ ٢٤) "بيان تلبيس الجهمية" (١/ ٣٢٥ - ٣٢٦)، و "مجموع الفتاوى" (١١/ ٦٣٨)، و"شرح صحيح البخاري" لابن بطال (٩/ ٥١٧).
(٤) انظر: "المفهم" (٦/ ٨،١١).
(٥) انظر: "المفهم" (٦/ ١٤)، و "إعلام الموقعين" (٢/ ٣٢٣).

<<  <   >  >>