للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن الله لا كذب فيه، كما أن معنى النبوَّة الإنباء الصادق من الله الَّذي لا يجوز عليه الكذب (١) .

خامسًا: أن قصارى ما يؤخذ من الرُّؤيا الصالحة من الرجل الصالح البشارة أو النذارة، والاستئناس بها إن وافقت حجة شرعية. (٢)

سادسًا: الشرع خصّ حرْف "الرُّؤيا" بما كان مُتلَقّى من الله تعالى، وخصَّ حرف "الحلم" بما كان مُتلَقّى من الشيطان. وهذا تَصَرُّفٌ في اللَّفْظِ بالحَقيقةِ الشرعية. وأمَّا باعتبار الاستعمال اللُّغوي فكلٌّ منهما يشمله لفظ "الرُّؤيا"وبالعكس (٣) . وقد دَلَّت الدلائل القرآنية، أيضًا، وما انبنى عليها وعلى السنة من إِجماع = على إثبات الرُّؤيا، وأنّها حقّ.

ومن تلك الدلائل:

قول الله تعالى: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (٤)} يوسف. ثم قال تعالى مخبرًا عنه: {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ} يوسف: ١٠٠

وقال تعالى مخبرًا عن رؤيا إبراهيم - عليه السلام -: {قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢)} الصافات.

وقال تعالى عن تحقق رؤيا الرسول - صلى الله عليه وسلم - في دخوله المسجد الحرام: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ} الفتح.

وقد نقل الاتفاق على ذلك الإمام الحافظ ابن عبد البر - رحمه الله - فقال:


(١) انظر:"شرح صحيح البخاري"لابن بطَّال (٩/ ٥١٧) .
(٢) انظر: "القائد إلى تصحيح العقائد" (٨٠ - ٨١) .
(٣) انظر: "عمدة القاري" للعيني (٢٤/ ١٣٢)، و "فتح القدير" (٤/ ٥٩)، و "الإعجاز البياني في القرآن" لعائشة بنت عبد الرحمن (٢١٥ - ٢١٦) .

<<  <   >  >>