للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شكا إليَّ جملي طول السُّرى ... صَبْرٌ جميل فكلانا مبتلى (١)

وكما قال عنترة:

*وشكا إليَّ بِعَبْرةٍ وتَحمْحُمِ*

وكقول العرب: قالت السماء فهطلت. (٢)

وأَما نَفَسُها فهو كناية عن الحرِّ والبرد في ابتدائِه، وامتِدادِه، وقوتِه، وضَعْفِهِ (٣) .

وممن قال بهذا القول: البيضاوي. حيث نقل عنه الحافظ ابن حجر قَولَه: «شكواها: مجازٌ عن غلَيانها. وأكْلُها بعضها بعضًا: مجازٌ عن ازدحام أَجزائها. وتنفُّسها: مجاز عن خروج ما يبرز منها) (٤) .

وممن ذهب إليه أيضًا: ابن الجوزي. حيث قال: (تشبيه الحرّ والبرد في ابتدائه، وامتداده، وقوته، وضعفه؛ بالنّفَسِ = من أَحسن التشبيه) (٥) .

والذي يَظْهر رجحانُه -من جهة النظر -: القول الأوَّل؛ للقرائن التالية:

القرينة الأولى: أن الأصل حمل الكلام على الحقيقة عند انتفاء القرائن الناقلة له عن هذا الأصل إلى المجاز؛ وخصوصًا أن الحديث خبَرٌ عن أَمر مُغيَّب لا يقع للحسِّ إدراكه؛ ليصح القول إن قرينة المعاينة تَصرف الخطاب من الحقيقة إلى المجاز عند من يُصحّحون القول بالمجاز. أو من حقيقة إلى أخرى عند من لا يصحّح ذلك.


(١) انظر:" التمهيد " (١ / -٢٧٣)، و" المفهم " (٢/ ٢٤٤) .
(٢) انظر: المصدرين السابقين.
(٣) انظر " كشف مشكل الصحيحين " لابن الجوزي (٣/ ٣٧٠) .
(٤) " فتح الباري " (٢/ ٢٦) .
(٥) " كشف مشكل الصحيحين " (٣/ ٣٧٠) .

<<  <   >  >>