للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الراجح علمًا فقال عز وجل: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} الممتحنة: ١٠ ومعرفة إيمان هؤلاء النسوة من نساء أَهل العهد المشركين اللاتي هاجرن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - = إنما كان بحسب إقرارهن بالإسلام في الظاهر، مع حال خفاء الباطن. كما أبان الله عن ذلك بقوله: {فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ} الممتحنة: ١٠ أي: أَعْلمُ إنْ كن صدقنَ، أم كذْبنَ.

وفي تقرير إفادة هذا الخبر العلمَ والحق في الظاهر بلا إحاطةٍ = يقول الإمام الشافعي-: -: (العِلمُ من وجوهٍ: منه إحاطةٌ في الظاهر والباطن، ومنه حقٌ في الظاهر. فالإحاطة منه: ما كان نصَّ حكمٍ للّهِ، أَو سنةٍ لرسولِ الله؛ نقلها العامّةُ عن العامة = فهذان السبيلان اللذان يُشْهد بهما فيما أُحلّ أنّه حلال، وفيما حُرِّم أنه حرام = وهذا الذي لا يَسَعُ أحدًا عندنا جهلُه، ولا الشَّكَّ فيه.

و عِلْمُ الخاصة: سُنَّة من خَبَر الخاصةِ؛ يعرفُها العلماءُ، ولم يكلفها غيرهم. وهي موجودة فيهم أو في بعضهم، بصدق الخاصِّ المُخبِر عن رسول الله بها = وهذا اللازم لأهل العلم أَن يصيروا إليه، وهو الحق في الظاهر؛ كما نقتل بشاهدين. وذلك حَقٌ في الظاهر، وقد يمكن في الشاهدَين الغَلَطُ ... ) (١)

فجعل الشَّافعي خبر الآحاد الذي يرويه الصادق الذي تجرّد خبره عن القرائن = عِلْمًا وحقًا في الظاهر، يلزم أَهلَ العلم اتباعُه؛ وإن كانت إِفادته للعلم لا على جهة الإحاطة التي أبان عن مقصوده بها بقوله: (والإحاطةُ = كلُّ ما عُلِم أنه حق في الظاهر والباطن؛ يُشهد به على الله. وذلك الكتاب، والسنة المُجْمَع عليها، وكلّ ما اجتمع الناس عليه، ولم يفترقوا فيه) (٢) .


(١) "الرسالة" (٤٧٨)
(٢) "جماع العلم" (٩/ ٢٠ - الأم)

<<  <   >  >>