للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول الفخر الرَّازي: (أَمَّا التَّمَسُّكُ بخبر الواحد في معرفة الله تعالى فغير جائز) (١) .

بل ذهب محمود شلتوت إلى ما هو أبعد شأوًا في ذلك؛ حيث ادَّعى أنَّ إجماعَ العلماء على عدم الاحتجاج بخبر الآحاد في العقيدة، فقال: (نصوص العلماء متكلمين وأصوليين مجتمعة على أن خبر الآحاد لا يفيد اليقين، فلا تثبت به العقيدة. ونجد المحققين من العلماء يصفون ذلك بأنه ضروري، لا يصح أن ينازع أحد في شيء منه) (٢)

=هذه الأقوال معلوم فسادها من جهتين:

الأولى: كونها مُحْدثةً بعد انعقاد الإجماع المحكيّ في هذا الباب.

الجهة الثانية: فساد سلْب العلم عن أَخبار الآحاد.

و يستبين ذلك في:

الطريقة الثالثة: سلب العلمية عن أَخبار الآحاد التي يرويها الثقات بالسند المتصل، مطلقًا سواء حفتها القرائن، أو تجردت عنها.

لا ريب أنه غلط من جهة برهان النقل والنظر، وهو مَيْسَمٌ بارزٌ للنظرة الاختزالية القاصرة، المفارقة لنظر أئمة السلف؛ فإن رواية العدل الضابط عن مثله بالسند المتصل إذا تجردت عن القرائن = تفيد العلم والحق في الظاهر. وإِفادتها العلم، وتسميتها بذلك = هي مقتضى ما دَلَّ عليه الدليل الشرعي، وأقوال الأئمة. فإن الله تعالى سمّى الاعتقاد


(١) "أساس التقديس" (١٢٧)
(٢) "الإسلام عقيدة وشريعة" (٦٠) ومحمود شلتوت (١٣١٠ - ١٣٨٣ هـ) هو: فقيه مفُسِّر مصري، كان ينادي بفتح باب الاجتهاد، وإصلاح الأزهر، فعارضه كبار شيوخ الأزهر، وطرد منه هو ومناصروه، ثم أعيد إليه وترقى فيه إلى أن أصبح شيخاً للأزهر، من مؤلّفاته: "الدعوة المحمديَّة"،و"القرآن والقتال"=انظر: "الأعلام" (٧/ ١٧٣)

<<  <   >  >>