للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يحكمَ = إلا من جهة الإحاطة. والإحاطةُ: كلُّ ما عُلم أنه حق في الظاهر والباطن، يُشهد به على الله. وذلك الكتابُ، والسنة المُجْمَع عليها ... ) (١)

فإذا تحرَّرَ أنَّ المخالفة ليست محفوظةً إلا عن فرقة من أَهل الكلام، ومن وافقهم من أَهل الجهالة؛ ممن لم يوسم بالفقه في الدين. وعَلِمْتَ حكمَ الإمام الشافعي - رحمه الله -، وغيره من الأئمة في أهل الكلام بأَنهم أهل ابتداع ومفارقة للسنة والجماعة؛ إذْ قال - رحمه الله - فيهم: (حُكْمِي في أَصحاب الكلام: أن يُضربوا بالجريد، ويُحْمَلوا على الإبل، ويُطاف بهم في العشائر والقبائل، ويقال: هذا جزاءُ مَنْ ترك الكتاب والسنة، وأخذ في الكلام) (٢) =تبيّن حينئذٍ أَنَّ الإجماعَ قطعي؛ للقطع بانتفاء المخالف من أهل السنة؛ إذ متى جزم بانتفاء المخالف كان الإجماع السكوتي في هذه الحال قطعيًا، لا ظنيًا (٣) . ومخالفة أَهل الأهواء ليست قادحة في الإجماع؛ لعدم الاعتداد بخلافهم (٤) .

محصّل القول أنَّ ترك الاحتجاج بالسُّنَّة الآحادية في المسائل العلميَّة؛ بدعوى عدم إفادتها العلم =باطلٌ، كما تراه عند طائفة المتكلمين كالقاضي عبد الجبار يقول: (وأما ما لا يُعلم كونه صدقًا ولا كذبًا (٥) فهو كأخبار الآحاد، وما هذا سبيله؛ يجوز العمل به إذا ورد بشرائطه. فأما قبوله فيما طريقه الاعتقادات = فلا) (٦) .


(١) المصدر السابق (١٩ - ٢٠)
(٢) "أحاديث في ذم الكلام وأهله" للإمام أبو الفضل المقرئ (٩٨ - ٩٩)، وانظر: "أصول المنطق والكلام" للسيوطي (٣١)
(٣) انظر: "مجموع الفتاوى" (١٩/ ٢٦٨)
(٤) انظر: "أصول السَّرخسي" (١/ ٣٢١)،و "تيسير التحرير"لأَمير بادشاه (٣/ ٢٣٩)
(٥) يعني: من الأخبار
(٦) "شرح الأصول الخمسة" (٧٦٩) وانظر: (٢٦٩، ٦٧٢، ٦٩٠)

<<  <   >  >>