والأحاديث المتلقّاةُ بالقبولِ المقطوعُ بصحتها تنتظم ما قَبِلَتْهُ الأُمّة، وما قَبِلَهُ الأئمة النُّقاد من أَهل الحديث العالمين به، وإن خالفهم من لا خبرة له بأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المتكلمين وغيرهم. وهذا التلقي يندرج تحته جمهور أحاديث الصحيحين التي لم يقع التنازع في صحتها، والتي لم يقع التجاذب بين مدلولاتها، وكذا غيرها من الأحاديث التي لم تخرج في الصحيحين مما قطع بمضمونه.
وبذا يُعْلمُ فسَادُ ما ذَهَبَ إليه إسماعيل كردي وغيره من المُتجاسرين على الطعن في أَحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - بلا عِلْم؛ في قولهم:(لا يكون في نقد بعض أَحاديث الآحاد في الصحيحين أَو غيرهما - بناء على اجتهاد مُسْتسَاغ، ودليل علمي مقبول - أي مَسَاسٍ بالعقيدة، أو تهمةٍ بردّ سنة رسول الله، ما دام أنَّ القضيَّة رَدُّ شيءٍ ظنّي من الأساس. وفرْقٌ بين أن يقول الإنسان: هذا حديث رسول الله، وأنا لا أقبله، ولا أُصدقه. وبين أن يقول: أن أرى؛ بناءً على الأدلة التي قامت عندي، وهي كذا، وكذا: أن هذه الرواية الظنية المنسوبة لرسول الله في البخاري، أو مسلم، أو غيرهما = لم يقلها الرسول؛ بل نُسبت إليه خَطأ؛ لذا لا نأخذ بها)(١)
ويبقى أنَّ الظنَّ ليس رُتبة واحدة من حيث الاعتداد به من عدمه، فالتسوية بين تيك الرُّتب خلل مَنهجي لا يُقبل