للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تلقتها الأمة بالقبول؛ فمَردّها عصمة الأُمّة أن تجتمع على الخطأ. وأمّا قَصْرُ غاية ما يفيده هذا الإجماع على قبول الخبر = وجوب العَمَل بمضمونه، مع تجويز أن يكون في الباطن خطأ كما ذهب إليه النووي - رحمه الله - (١) = فلا ريب في بطلانه ببطلان لازمه؛ إذ معنى هذا: إمكان أن تجمع الأمة على العَمَلِ بما هو خطأ في نفس الأمر. واللازم باطل = والملزوم كذلك.

قال الإمام ابن تيمية - رحمه الله -: (والحُجَّة على قول الجمهور: أنّ تلقِّي الأمة للخبر تصديقًا وعملًا = إجماعٌ منهم، والأُمَّة لا تجتمع على ضلالة؛ كما لو اجتمعت على عموم أو أمر أو مطلق، أو اسم حقيقةٍ، أو موجب قياس. بل كما لو اجتمعت على ترك ظاهرٍ من القول؛ فإِنَّها لا تجتمع على خطأ. وإن كان ذلك لو جَرَّد الواحد إليه نظره لم يأمن على الخطأ؛ فإن العصمة ثبتت بالهيئة الاجتماعية. كما أَن خبر التواتر كُلّ من المخبرين يُجوِّز العقلُ عليه أن يكون كاذبًا أو مخطئًا، ولا يجوز ذلك إذا تواتر. . والواحد في الرواة قد يجوز عليه الغَلَط، وكذلك الواحد في رأيه وفي رؤياه وكشفه؛ فإنَّ المفرداتِ في هذا الباب تكون ظنونًا بشروطها = فإذا قويت تكون علومًا، وإذا ضعفت تكون أوهامًا وخيالات فاسدة. وأَيضًا: فلا يجوز أن تكون في نفس الأمر كذبا على الله ورسوله وليس في الأمة من يُنكره؛ إذ هو خلاف ما وصفه الله. . وأما العمل به: فنقول: لو جاز أن يكون في الباطن كذبا، وقد وجب عليهم العمل بما هو كذب فهذا هو الخطأ، ولا معنى لإجماعِ الأمة على خطأ إلا ذلك) (٢) .


(١) انظر: "التلخيص شرح الجامع الصحيح"للنَّووي (١/ ٢١٥)،و "شرح صحيح مسلم" (١/ ٢٠)
(٢) "جواب الاعتراضات المصرية" (٤٤ - ٤٦)

<<  <   >  >>