للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بشهوده - رضي الله عنه - إذ فيها أنَّ ابن عباس شهد ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم - (١) .

لذا كان من فقه الإمام الترمذي -رحمه الله-بعد أَن أَورد حديثَ أَبي هريرة - رضي الله عنه - أَن أعقبه ببابٍ عَنْون له بـ "ما جاء في تركْ الوضوء ممّا غيَّرتِ النَّارُ" ثم ساق بسنده حديث جابر - رضي الله عنه - وفيه (خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأَنا معه، فدخل على امرأةٍ من الأَنصار فذبحتْ له شاةً فأكلَ، وأَتته بقناع من رطب فأكل منه، ثمَّ توضأ وصلّى، ثم انصرف، فأتته بعُلالة من علالة الشَّاة فأكل، ثم صلّى ولم يتوضأ) (٢)

ثم قال: (والعمَلُ على هذا عند أَكثرِ أَهل العلم من أَصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، والتَّابعين، ومن بعدَهم ... وهذا آخرُ الأَمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكأنَّ هذا الحديث ناسخٌ للحديث الأَوَّلِ =حديثِ الوضوء مما مسَّت النار) (٣)

فإن قال قائلٌ: دعوى أَن النظر العقلي لم يكن مُحكَّمًا عند هؤلاء الصحابة بالأَصالةِ =دعوى بُنيت على الظّن، والظَّنُ مذموم، ثم لنا أَن نقلب عليكم الدَّعوى ونقول: إنّ المُحكّمَ عند ذاك الجيل هو النظر العقلي و الدلائل الشَّرعيةِ تقع على سبيل الاعتضاد؟

فيُقال: البرهان على صدقِ ما سبق بيانُهُ وتوضيحه، ما يلي:

١ - الآثار المتكاثرة عن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتي في جُملتها تدلُّ دلالةً تقطعُ الشَّك وتزرع اليقين =على تعظيمهم لسنّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،


(١) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب "الحيض"باب"نسخ الوضوء مما مست النار" (١/ ٢٧٥ - رقم [٣٥٩])
(٢) أخرجه الترمذي في سننه: كتاب "الطهارة"،باب "ما جاء في ترك الوضوء مما مسَّت النَّار" (١/ ١١٦ - ١١٧ - رقم [٨٠]) وصححه العلاّمة أحمد شاكر
(٣) المصدر السابق (١/ ١١٩ - ١٢٠)،وهو مذهب الخلفاء الراشدين ترك الوضوء ممامسته النار -إلاّ لحم الجزور- انظر: "معرفة السنن والآثار "للبيهقي" (١/ ٤٤٧)،و"المجموع" للنووي (٢/ ٦٩)،والنَّفح الشَّذي"لابن سيد الناس (٢/ ٢٥٠)

<<  <   >  >>