للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واتِّهامهم لرأْيهم عند سُنَّته - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك عَقدَ "الخطيب البغدادي " -رحمه الله- بابًا في كتابهِ "الفقيه والمُتفقِّه" وَسَمه بـ " ذكْرُ ما روي من رُجوع الصحابةِ عن آرائهم التي رأوها إلى أَحاديثِ النبي - صلى الله عليه وسلم - إِذا سمعوها ووعوها)

والمقامُ يستدعي ذكر بعض تلك الصور النيَّرة التي تُبرهن على تعظيم ذلك الجيل لسنته - صلى الله عليه وسلم -

أ- فعن سعيد بن المُسيّب قال: كان عمرُ بن الخطَّاب يقول: الدِّية للعاقلةِ لاترثُ المرأةُ مِن ديةِ زوجها شيئًا.

فقال له الضحاك بن سُفيان: كتب إليَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أَن أورّث امرأة أَشيم الضبابي من دية زَوجها. =فرجع عُمرُ عن قوله (١) .

فرجوعه - رضي الله عنه - عن رأيه -وهو الخليفة الرَّاشد- علامة على تعظيمه - رضي الله عنه - للسُّنن.

ب- ما ورد عن ابن عمر - رضي الله عنه - أَنّه كان يكْري (٢) أَرض آل عمر، فسأل رافع بن خُديج، فأخبره (أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كراء الأَرضِ) =فترك ذلك ابن عمر - رضي الله عنه - (٣) بل ثبت عنه أَنّه رضي الله عنه كان يُكري مَزارعه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي إمارة أَبي بكر وعمرَ وعثمانَ، وصَدْرًا من خِلافة معاوية حتى بلغه في آخر خلافةِ معاوية، أنَّ رافعَ بن خديج يُحدِّثُ فيها بنهي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (٤)؛فترَكه - رضي الله عنه - طواعيةً لله بعد هذا العمر في


(١) أخرجه أَبو داود في "السُنن" كتاب" الفرائض" باب"في المرأة تَرثُ دية زَوجِها " (٣/ ٢٢٧ - ٢٢٨_رقم [٢٩٢٧])، والترمذي كتاب"الفرائض" باب"ما جاء في ميراث المرأة من دية زوجها " (٤/ ٣٧١ - رقم [٢١١٠]) دون ذكر رجوع عمر، وابن ماجه كتاب "الدِّيات " باب"الميراث من الدِّية" (٢/) وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، والخطيب البغدادي= =في "الفقيه المتفقه " (٢/ ٣٦٤ - رقم [٣٥٩])
(٢) الكراء: الإجارة =معجم لغة الفقهاء (٣٤٧)
(٣) أخرجه مسلم كتاب "البيوع" باب"كراء الأرض" (٣/ ١١٧٩ - رقم [١٥٤٧])،والخطيب البغدادي (٢/ ٣٦٨ - رقم [٣٦٧])
(٤) أخرجه مسلم في كتاب"البيوع" باب"كراء الأرض" (٣/ ١١٨٠ - رقم [١٥٤٧])

<<  <   >  >>