للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأموال في مصالح المسلمين (١)؛ كسداد الثغور، ونفقة المقاتلة، ونحو ذلك من الإعانة على البر والتقوى؛ إذ الواجب على السلطان في هذه الأموال ــ إذا لم يمكن معرفة أصحابها وردها عليهم ولا على ورثتهم ــ أن يصرفها ــ مع التوبة إن كان هو الظالم ــ إلى مصالح المسلمين.

هذا قول جمهور العلماء كمالك وأبي حنيفة وأحمد، وهو منقول عن غير واحد من الصحابة، وعلى ذلك دلَّت الدلالة (٢) الشرعية، كما هو مبسوط في موضع آخر (٣).

وإن كان غيره قد أخذها، فعليه هو أن يفعل بها كذلك (٤)، وكذلك لو امتنع السلطان من ردها، كان الإعانة على إنفاقها في مصالح أهلها (٥) أولى من تركها بيده ومن (٦) يضيعها على أصحابها وعلى المسلمين (٧).


(١) ليست في الأصل، (ل).
(٢) (ي، ز): «الأدلة».
(٣) من قوله: «هذا قول» إلى هنا ساقط من (ف، ظ، ب، ك).
(٤) (ظ، ب): «ذلك».
(٥) بقية النسخ: «أصحابها».
(٦) بقية النسخ: «بيد من».
(٧) للمصنف رسالة في الأموال التي لا يُعرف صاحبها، وما يجب العمل بها، انظرها في «مجموع الفتاوى»: (٢٨/ ٥٩٢ - فما بعدها). وقد ذكر الأقوال في هذا النوع من الأموال، ورد على من رأى حبسها وعدم صرفها فقال: (هذا مثل إتلافها، فإن الإتلاف إنما حرم لتعطيلها عن انتفاع الآدميين بها، وهذا تعطيل أيضًا، بل هو أشد منه من وجهين؛ أحدهما: أنه تعذيب للنفوس بإبقاء ما يحتاجون إليه من غير انتفاع به.
الثاني: أن العادة جارية بأن مثل هذه الأمور لابد أن يستولي عليها أحد من الظلمة بعد هذا إذا لم ينفقها أهل العدل والحق، فيكون حبسها إعانة للظلمة وتسليمًا في الحقيقة إلى الظلمة، فيكون قد منعها أهلَ الحق وأعطاها أهل الباطل، ولا فرق بين القصد وعدمه في هذا، فإن من وضع إنسانًا بمَسْبَعة فقد قتله، ومن ألقى اللحم بين السباع فقد أكله، ومن حبس الأموال العظيمة لمن يستولي عليها من الظلمة، فقد أعطاهموها. فإذا كان إتلافها حرامًا وحبسها أشد من إتلافها تعيّن إنفاقها، وليس لها مصرف معيّن فتُصرف في جميع جهات البر والقُرَب التي يتقرب بها إلى الله؛ لأن الله خلق الخلق لعبادته، وخلق لهم الأموال ليستعينوا بها على عبادته فتصرف في سبيل الله) اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>