للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا في قوله تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: ٥٨].

فصل

وأما قوله تعالى: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: ٥٨] فإن الحُكْم بين الناس يكون في الحدود والحقوق، وهما قسمان:

فالقسم الأول: الحدود والحقوق التي ليست لقوم معينين، بل منفعتها لمطلق المسلمين، أو نوع منهم، وكلهم محتاج إليها، وتسمى حدود الله وحقوق الله (١)، مثل: حدِّ قُطَّاع الطريق، والسُّرَّاق، والزُّناة ونحوهم، ومثل: الحكم في الأمور السلطانية، والوقوف والوصايا التي ليست لمعيَّن، فهذه من أهم أمور الولايات؛ ولهذا قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: لابدَّ للناس من إمارة برَّةً كانت أو فاجرة، فقيل: يا أمير المؤمنين، هذه البرَّة قد عرفناها فما بال الفاجرة؟ فقال: تُقام بها الحدود، وتأمن بها السُّبُل، ويُجاهَد بها العدو، ويُقْسَم بها الفيء (٢).

وهذا القسم (٣) يجب على الولاة البحث عنه (٤)، وإقامته من غير دعوى


(١) الأصل: «حدود وحقوق الله». وسيأتي القسم الثاني (ص ١٩٥).
(٢) أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (٧١٠٢) بنحوه، وفي سنده ليث بن أبي سليم. ورُوي نحوه عن ابن مسعود مرفوعًا عند الطبراني رقم (١٠٢١٠).
(٣) يعني إقامة الحدود والحقوق المذكورة وغيرها. وقارن بنا ذكره الشيخ العثيمين في «شرحه» (ص ١٨٨).
(٤) هنا تعليق في (ي) لكن معظمه لم يظهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>