للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا ينبغي (١) أن يؤخذَ من الزاني أو السارق أو قاطع الطريق ونحوهم مالٌ (٢) يُعَطَّل به الحدُّ، لا لبيت المال ولا لغيره، وهذا المال المأخوذ لتعطيل الحد سُحتٌ خبيث، وإذا فعل وليُّ الأمر ذلك فقد جمع فسادين عظيمين.

أحدهما: تعطيل الحد، والثاني: أكل السحت. فتَرَك الواجبَ وفَعَل المحرَّم، قال الله تعالى: {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المائدة: ٦٣]، وقال تعالى عن اليهود: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة: ٤٢]؛ لأنهم كانوا يأكلون السحت من الرشوة التي تسمى: البِرْطِيل (٣)، وتسمَّى أحيانًا: الهدية وغيرها، ومتى أكل وليُّ الأمر السُّحْت احتاج أن يسمع الكذب من الشهادة الزور وغيرها، وقد لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الراشي والمرتشي والرائش، وهو الواسطة الذي يمشي بينهما. رواه أهل السنن (٤).

وفي «الصحيحين» (٥): أن رجلين اختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أحدهما:


(١) بقية النسخ: «ولا يجوز».
(٢) (ظ): «ما». وفي (ف) زيادة «أو الشارب» بعد السارق.
(٣) سيذكر المؤلف معناها (ص ٩١).
(٤) أخرجه أحمد (٦٥٣٢)، وأبو داود (٣٥٨٠)، والترمذي (١٣٣٧)، وابن ماجه (٢٣١٣)، وابن حبان «الإحسان» (٥٠٧٦)، والحاكم: (٤/ ١٠٢ - ١٠٣) من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -، قال الترمذي: حسن صحيح، وصحَّح الحاكمُ إسناده، وقواه الحافظ في «الفتح»: (٥/ ٢٢١). وله شاهد من حديث جماعة من الصحابة منهم أبو هريرة، وعبد الرحمن بن عوف، وثوبان، وغيرهم - رضي الله عنهم -.
(٥) البخاري (٢٣١٤)، ومسلم (١٦٩٨، ١٦٩٧) من حديث أبي هريرة وزيد بن خالد - رضي الله عنهما -.

<<  <  ج: ص:  >  >>