للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإرادةٌ للعلو، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأعمال بالنيات» (١) كلمة جامعة كاملة، فإن النية للعمل كالروح للجسد، وإلا فكل واحد من الساجد لله والساجد للشمس والقمر، قد وضع جبهته على الأرض، فصورتهما واحدة، ثم هذا أقرب الخلق إلى الله تعالى، وهذا أبعد الخلق عن الله.

[أ/ق ٢٣] وقد قال الله عز وجل: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (٢) [العصر: ٣]، {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} [البلد: ١٧]. وفي الأثر: «أفضل الإيمان: السماحة والصبر» (٣). فلا تتم رعاية الخلق وسياستهم إلا بالجود الذي هو العطاء، والنجدة التي هي الشجاعة، بل لا يصلح الدين والدنيا إلا بذلك.

ولهذا كان من لم يقم بهما سلبه الله الأمر ونقله إلى غيره، كما قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (٣٨) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا


(١) أخرجه البخاري (١)، ومسلم (١٩٠٧) من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.
(٢) هذه الآية من الأصل فقط.
(٣) أخرجه أحمد (٢٢٧١٧)، والخرائطي في «مكارم الأخلاق» (٦٥٣)، والبخاري في «خلق أفعال العباد» (١٢٤)، وابن أبي عاصم في «الجهاد» (٢٥) ولفظهما مختصر، وغيرهم من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - ولفظه عند أحمد والخرائطي: أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا نبي الله، أي العمل أفضل؟ قال: «الإيمان بالله، وتصديق به، وجهاد في سبيله»، قال: أريد أهون من ذلك يا رسول الله، قال: «السماحة والصبر ... » الحديث. وفي إسناد أحمد والخرائطي ابن لهيعة، وفي إسناده غيره من يُضَعَّف.

<<  <  ج: ص:  >  >>