للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفرِّق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنًا مَن كان» (١).

وكذلك قد يقال في أمره بقتل شارب الخمر في الرابعة؛ بدليل ما رواه أحمد في «المسند» عن ديلم الحِمْيَري قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله، إنا بأرضٍ نعالج بها عملًا شديدًا، وإنا نتخذ شرابًا من القمح نتقوَّى به على أعمالنا وعلى بَرْد بلادنا، فقال: «هل يُسْكِر؟» قلت: نعم، قال: «فاجتنبوه»، قلت: إن الناس غير تاركيه، قال: «فإن لم يتركوه فاقتلوهم» (٢).

وهذا لأن المُفسد كالصائل، فإذا لم يندفع الصائل إلا بالقتل قُتِل.

وجِماع ذلك أن العقوبة نوعان:

أحدهما: على ذنب ماضٍ جزاء بما كسب نكالًا من الله؛ كجلد الشارب والقاذف (٣)، وقطع المحارب والسارق، وكذلك تعزير من سرق دون النصاب من غير حرز، وتعزير الخائن ومُزَوِّر الشهادة والعلامة ونحو ذلك (٤).

والثاني: العقوبة لتأدية حق واجب أو ترك محرم في المستقبل، كما يُستتاب المرتد حتى يسلم، فإن تاب وإلا قُتِل، وكما يُعاقَب تارك الصلاة والزكاة وحقوق الآدميين حتى يؤديها، فالتعزير في هذا الضرب أمْثَل (٥) منه


(١) (١٨٥٢/ ٥٩).
(٢) أخرجه أحمد (١٨٠٣٤)، وأبو داود (٣٦٨٣)، والبيهقي: (٨/ ٢٩٢). وغيرهم، وسند أحمد صحيح، انظر تخريج «المسند»: (٢٩/ ٥٦٨).
(٣) (ي، ز): «كحد الشرب والقذف».
(٤) من قوله: «وكذلك تعزير ... » إلى هنا من الأصل فقط.
(٥) بقية النسخ: «أشد».

<<  <  ج: ص:  >  >>