للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نهى عن كَسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس.

وقال بعض السلف: كسر سكة المسلمين من الفساد في الأرض.

وقد قيل: إنه مما عابه الله عز وجل على قوم شعيب حيث قال: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [هود: ٨٥].

نعم يجوز كسر السِّكة المغشوشة، فإن الناس إذا مُكِّنوا من ذلك لم يتبين مقدار الغش. وقد روى الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه نهى عن شَوْب اللبن بالماء للبيع (١). يعني أنه يجوز أن يُشاب اللبن للشرب، فأما البيع فلا يجوز وإن علم المشتري أنه مشوب؛ لأنه لا يتبين مقدار الشَّوْب.

ومن أعظم أنواع الغش: الكيمياء (٢)، وهو عمل ما يشبه الذهب والفضة، وكذلك يعمل ما يشبه الجواهر والطِّيب من المِسك والزعفران والعنبر وغير ذلك. ومعنى الكيمياء: الشَّبَه. فإن ذلك كله محرم، إذ لا يكون المصنوع مثل المخلوق قط، وإنما غايته أن يُشَبَّه به في الظاهر وفي بعض صفاته.


(١) أخرجه أبو نعيم في «تاريخ أصبهان»: (٢/ ١١٦) عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة مرفوعًا.
(٢) انظر في الكلام عليها مطولًا: «مجموع الفتاوى»: (٢٩/ ٣٦٨ - ٣٩١). ولابن القيم رسالة مفردة في بطلان صناعة الكيمياء وذلك من أربعين وجهًا، ذكرها في كتابه «مفتاح دار السعادة»: (٢/ ٩٣)، وقد نُمي إلينا خبر وجودها.

<<  <  ج: ص:  >  >>