للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يخلق الله شيئًا وجعلَ للخلق سبيلًا أن يخلقوا كخلقه ولا أقدرهم [أ/ق ٧٢] على [أن] ينقلوا نوعًا من أنواع خلقه إلى نوع آخر، وإنما صنَعَ الناسُ الزجاجَ، لأن الله لم يخلق زجاجًا كما خلقَ ذهبًا وفضة.

وقد اتفق عقلاء بني آدم على أن غاية الكيمياء الزَّغَل الجيد الذي لا ينكشف إلا بعد مدة طويلة، ولا يتعلَّق بها إلا أحد رجلين: قليل العقل يعتقد صحَّتها، أو قليل الدين يستحل إنفاق المغشوش. وما يُذكر فيها من الحكايات الصحيحة غايته المغشوش الجيد الذي يروج على خلقٍ من النقَّاد، فالإنكارُ على هذا الضرب وعقوبتهم من أعظم الواجبات. وأكثر ما فسَدَ حالُ كثير من الناس من هذا الوجه، ولهذا لم يذكر الفقهاء ما يجب في الكيمياء كما يجب في المعدن والركاز، إذ كان للركاز حقيقة، وهي الكنوز العادية التي تسمى المطالب، وليس للكيمياء حقيقة.

ومن ادعى على النبي - صلى الله عليه وسلم - أو على موسى ــ عليه السلام ــ أنه كان يَعْملها أو يُعَلِّمها فقد كذب وافترى. وجابر بن حيَّان الذي تُعْزَى (١) إليه مصنفاتها مجهولٌ كثير التخليط والتناقض (٢).


(١) الأصل: «بعدي»!
(٢) وقال المصنف أيضًا في «مجموع الفتاوى»: (٢٩/ ٣٧٤): «وأما جابر بن حيان صاحب المصنفات المشهورة عند الكيماوية، فمجهول لا يعرف، وليس له ذكر بين أهل العلم ولا بين أهل الدين» اهـ.
وقال عنه القفطي: الصوفي الكوفي كان متقدمًا في العلوم الطبيعية بارعًا منها في صناعة الكيمياء وله فيها تآليف كثيرة ومصنفات مشهورة، وكان مع هذا مشرفًا على كثير من علوم الفلسفة ومتقلدًا للعلم المعروف بعلم الباطن.
وقال ابن خلدون وهو يتكلم عن علم السحر والطِّلَّسمات: «ثم ظهر بالمشرق جابر بن حيان كبير السحرة في هذه الملة، فتصفح كتب القوم واستخرج الصناعة، وغاص في زبدتها واستخرجها ووضع فيها عدة من التآليف. وأكثر الكلام فيها وفي صناعة السيمياء، لأنها من توابعها ... ». «مقدمة ابن خلدون»: (١/ ٣٠٣).

وانظر ترجمته ــ على شُحِّها ــ في: «إخبار العلماء بأخبار الحكماء»: (١/ ٢٠٩)، و «وفيات الأعيان»: (١/ ٣٢٧)، و «الوافي بالوفيات»: (١١/ ٣٤)، و «فوات الوفيات»: (١/ ٢٧٥)، و «كشف الظنون»: (٢/ ١٥٢٩ - ١٥٣٠)، و «الأعلام»: (٢/ ١٠٣) للزركلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>