للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذنوب، فيجوِّزُه بعضهم؛ لأن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - أمر بتحريق ناس من المرتدين (١)، وكذلك علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - حرَّق المغالية الذين ادعوا إلاهيته (٢). ومنعه آخرون؛ لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من النهي عن تحريق مَن كان أمر بتحريقه (٣) (٤).

ولو شَهَر المحاربون السلاح في البنيان ــ لا في الصحراء ــ لأخْذِ المال، فقد قيل: إنهم ليسوا محاربين بل هم بمنزلة المُخْتلس والمُنْتَهِب؛ لأن المطلوب يدركه الغوث إذا استغاث بالناس. وقال الأكثرون: إن حكمهم في البنيان والصحراء واحد، وهذا قول مالك في المشهور عنه، والشافعي، وأكثر أصحاب أحمد وبعض أصحاب أبي حنيفة، بل هم في البنيان أحق بالعقوبة منهم في الصحراء؛ لأن البنيان محل الأمن والطمأنينة، ولأنه محلُّ (٥) تناصر الناس وتعاونهم، فإقدامهم عليه يقتضي شدة المحاربة (٦) والمغالبة؛ ولأنهم يسلبون الرجلَ في داره جميعَ ماله، والمسافر لا يكون معه ــ غالبًا ــ إلا بعض ماله.

فهذا هو الصواب، لاسيما هؤلاء المتحزِّبون الذين تسميهم العامة في


(١) أخرج عبد الرزاق: (٥/ ٢١٢) أن خالد بن الوليد أحرق جماعة من المرتدين وأقره أبو بكر على ذلك، وانظر «فتح الباري»: (٦/ ١٥٠).
(٢) أخرجه البخاري (٣٠١٧).
(٣) أخرجه البخاري (٣٠١٦) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٤) من قوله: (وقد يتنازع ... ) إلى هنا من الأصل فقط.
(٥) «لأنه محل» ليست في (ظ).
(٦) (ي): «المعاقبة».

<<  <  ج: ص:  >  >>