للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جفنة (١)، ويقولون: لا فارس الخيل ولا وجه العرب (٢).

لكن افترق الناس هنا ثلاث فرق:

* فريق غلبَ عليهم حبُّ العلو في الأرض أو الفساد، فلم ينظروا في عاقبة المعاد، ورأوا أن السلطان لا يقوم إلا بعطاء، وقد لا يتأتَّى العطاء إلا باستخراج أموال من غير حلِّها، فصاروا نهَّابين وهَّابين.

وهؤلاء يقولون: لا يمكن أن يتولى على الناس إلا من يأكل ويُطْعِم، فإنه إذا تولى العفيف (٣) الذي لا يأكل ولا يُطْعِم، سَخِط عليه الرؤساء وعزلوه، إن لم يضروه في نفسه وماله. وهؤلاء نظروا في عاجل دنياهم وأهملوا الآجل من دنياهم وآخرتهم، فعاقبتهم عاقبة رديئة في الدنيا والآخرة، إن لم يحصل لهم ما يُصْلِح آخرتهم (٤) من توبة ونحوها مما يعتقدونه فينجوا منه (٥).

* وفريقٌ عندهم خوفٌ من الله تعالى، ودينٌ يمنعهم عما يعتقدونه قبيحًا، من ظلم الخلق وفعل المحارم، فهذا حسنٌ واجب، لكن قد يعتقدون مع ذلك أن السياسة لا تتم إلا بما يفعله أولئك من الحرام، فيمتنعون أو يمنعون عنها مطلقًا، وربما كان في نفوسهم جُبن أو بخل، أو ضِيق خلق


(١) والمعنى: لا شجاعة ولا كرم. وفي الأصل: «لا طعته ولا خفته»! وهو تحريف.
(٢) بمعنى المثل السابق، وقد أنشد السراج (ت ٦٩١) لنفسه كما في «أعيان العصر»: (٥/ ١٢١).
قال وقد أبْصَرَ وجهي مُقْبلًا ... لا فارس الخَيلِ ولا وجْهَ العَرَب
(٣) (ي): «الضعيف».
(٤) بقية النسخ: «عاقبتهم».
(٥) «مما يعتقدونه فينجوا منه» من الأصل فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>