للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«فوا (١) بيعة الأول فالأول، ثم أعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم».

وفيهما (٢) عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنكم سترون بعدي أَثَرَةً وأمورًا تنكرونها» قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: «أدوا إليهم حقَّهم، واسألوا الله حقَّكم».

وليس لولاة الأموال أن يقسموها بحسب أهوائهم كما يقسم المالكُ ملكه، فإنما هم أُمَناء ونُوَّاب ووُكَلاء، ليسوا مُلَّاكًا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إني والله لا أعطي أحدًا ولا أمنع أحدًا، وإنما أنا قاسم أضع حيثُ أُمِرت» رواه البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بنحوه (٣).

فهذا رسولُ ربِّ العالمين قد أخبر أنه ليس المنع والعطاء بإرادته واختياره، كما يفعل ذلك المالك الذي أُبيح له التصرف في ماله، وكما تفعل الملوك الذين يعطون من أحبوا ويمنعون من أحبوا (٤)، وإنما هو عبد الله يقسم المال بأمره، فيضعه (٥) حيث أمره الله سبحانه وتعالى.

وهكذا قال رجل لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: يا أمير المؤمنين لو وسَّعْتَ على نفسك في النفقة من مال الله تعالى؟ فقال له عمر: أتدري ما


(١) (ب، ل، وهامش ف): «أوفوا».
(٢) أخرجه البخاري (٣٦٠٣)، ومسلم (١٨٤٣).
(٣) (٣١١٧).
(٤) (ل): «من أبغضوا». وكتب فوق «أحبوا» في (ي): «مَنْعَه» يعني: أحبوا منعه. واستظهر أحد المعلقين في هامش (ف) ما ورد في (ل).
(٥) ليست في (ز).

<<  <  ج: ص:  >  >>