للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل

لا غنى لولي الأمر عن المشاورة، فإن الله أمر بها نبيه، قال سبحانه وتعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (١) [آل عمران: ١٥٩].

وقد رُوِي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: لم يكن أحدٌ أكثر مشاورةً لأصحابه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢).

وقد قيل: إن الله تعالى أمر بها نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - لتاليفِ قلوبِ أصحابِه، وليقتدي به من بعده، وليَسْتَخْرج (٣) منهم الرأي فيما لم ينزل فيه وحي من أمر الحروب والأمور الحربية (٤) وغير ذلك؛ فغيره - صلى الله عليه وسلم - أولى بالمشاورة.

وقد أثنى الله سبحانه وتعالى على المؤمنين بذلك، فقال تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (٥) [الشورى: ٣٨]. وإذا استشارَهم، فإن بيَّن له بعضهم ما يجبُ اتباعُه من كتاب الله وسنة رسوله، أو إجماع المسلمين؛ فعليه اتباع ذلك، ولا طاعة لأحدٍ في خلاف ذلك، وإن كان عظيمًا في الدين أو


(١) الآية في بقية النسخ إلى: «وشاورهم في الأمر».
(٢) أخرجه ابن حبان (٤٨٧٢)، والبيهقي: (٧/ ٤٥، ١٠/ ١٠٩) في حديث قصة الحديبية الطويل، من طريق معمر عن الزهري: كان أبو هريرة يقول به.
(٣) الأصل: «والمقتدي [ز: ليقتدي] به من بعده والمستخرج [ي: يستخرج]».
(٤) كذا في الأصل و (ب، ل)، و (ف، ي، ز، ظ، ط): «الجزئية»، وكتب في هامش (ي): «ظ: التجربية».
(٥) في بقية النسخ سيقت الآية من قوله: «وما عند الله خير وأبقى ... » إلى «ينفقون».

<<  <  ج: ص:  >  >>