للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل

وأما السارق؛ فيجب قطع يده اليمنى بالكتاب والسنة والإجماع، قال الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٣٨) فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: ٣٨ - ٣٩]، ولا يجوز بعد ثبوت الحدِّ عليه بالبيِّنة أو الإقرار تأخيرُه لا بحبسٍ، [أ/ق ٤٠] ولا مالٍ يفتدي به، ولا غيره، بل تُقطع يدُه في الأوقات المعظَّمة وغيرها.

فإن إقامة الحدود (١) من العبادات كالجهاد في سبيل الله، وينبغي أن يعرف أن إقامة الحدِّ رحمة من الله بعباده، فيكون الوالي شديدًا في إقامة الحدِّ، لا تأخذه رأفةٌ في دين الله فيعطله. ويكون قصده رحمة الخلق بكفِّ الناس عن المنكرات، لا شِفاءَ (٢) غيظه وإرادته للعلو على الخلق.

بمنزلة الوالد إذا أدَّبَ ولدَه، فإنه لو كفَّ عن تأديب ولده كما تُشِير به الأم ــ رِقَّةً ورأفة ــ لفسدَ الولدُ، وإنما يؤدِّبه رحمةً به وإصلاحًا لحاله، مع أنه يودُّ ويؤثر أن لا يُحْوِجه إلى تأديب. وبمنزلة الطبيب الذي يسقي المريض الدواء الكريه. وبمنزلة قَطْع العضو المستأكل (٣)، والحَجْم، وقَطْع العروق بالفصاد، ونحو ذلك. بل بمنزلة شرب الإنسان الدواء الكريه وما يُدخله على نفسه من المشقّة لينال به الراحة.


(١) سقطت من الأصل.
(٢) (ب): «لا لإشفاء»، (ل): «لا لشفاء».
(٣) كذا في الأصل و (ي، ز)، و (ف، ظ، ب، ل، ط): «المتآكل».

<<  <  ج: ص:  >  >>