للمصنف وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى كلامٌ مفيد في موضوع السياسة الشرعية مبثوث في عدد من مؤلفاتهما، ولابن القيم كتاب مفرد في الباب هو «الطرق الحكمية»، رأيتُ من الخير أن أصَدِّر الحديثَ عن الكتاب بهذا الفصل خاصة مما ليس في رسالتنا هذه.
* قال المصنف في «مجموع الفتاوى»: (٢٠/ ٣٩١ - ٣٩٣): «وهذا كما يوجد في كثير من خطاب بعض أتباع الكوفيين وفي تصانيفهم إذا احتجَّ عليهم محتجٌّ بمن قتله النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أمر بقتله، كقَتْله اليهوديَّ الذي رضَّ رأسَ الجارية، وكإهداره لدم السابة التي سبّته وكانت معاهدة، وكأمره بقتل اللوطي ونحو ذلك. قالوا: هذا يعمله سياسة. فيقال لهم: هذه السياسة إن قلتم: هي مشروعة لنا، فهي حق وهي سياسة شرعية. وإن قلتم: ليست مشروعة لنا، فهذه مخالفة للسنة.
ثم قولُ القائل بعدُ: «هذا سياسة»؛ إما أن يريد أن الناس يُساسون بشريعة الإسلام، أم هذه السياسة من غير شريعة الإسلام؟ فإن قيل بالأول فذلك من الدين، وإن قيل بالثاني فهو الخطأ.
ولكن منشأ هذا الخطأ أن مذهب الكوفيين فيه تقصير عن معرفة سياسة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسياسة خلفائه الراشدين. وقد ثبت في الصحيح عنه أنه قال: «إن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء، كلما مات نبي قام نبي، وإنه لا نبي