للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تدَّع (١) شبهَة في الحَبَل، ففيها قولان عند (٢) أحمد وغيره؛ قيل (٣): لا حدّ عليها لأنه يجوز أن تكون حَبِلَت مكرهةً، أو بتحَمُّل (٤)، أو بوطء شبهة. وقيل: بل تُحَد، وهذا المأثور عن الخلفاء الراشدين، وهو الأشبه بأصول الشريعة، وهو مذهب أهل المدينة، فإن الاحتمالات النادرة لا يُلتفت إليها، كاحتمال كذبها وكذب الشهود.

وأما التلوُّط، فمن العلماء من يقول: حدُّه حد الزاني (٥)، وقد قيل دون ذلك، والصحيح الذي اتفقت عليه الصحابة: أنه يُقْتَل الاثنان الأعلى والأسفل، سواءٌ كانا محصَنَيْن أو غير محصَنَين (٦).

فإنَّ أهل السنن رووا عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَن وجدتموه يفعل فعل (٧) قوم لوط فاقتلوا الفاعلَ والمفعولَ به» (٨).


(١) (ي): «يك»، (ب): «يكن».
(٢) بقية النسخ: «في مذهب».
(٣) الأصل: «وقيل».
(٤) الأصل: «احتملت مكرهة أو تتحمل»، (ل): «تكون مكرهة». وما أثبته من بقية النسخ، والمعنى ما ذكره في «المغني»: (١٢/ ٣٧٧) (أن المرأة تحمل من غير وطء، بأن يدخُلَ ماءُ الرجل في فرجها، إما بفعلها أو بفعل غيرها؛ ولهذا تُصُوِّر حمل البكر، فقد وجد ذلك) اهـ. وانظر: «شرح العثيمين» (ص ٢٩٦).
(٥) (ف): «الزنا».
(٦) حكى إجماعهم صاحب «المغني»: (١٢/ ٣٥٠) وإنما اختلفوا في صفة القتل.
(٧) (ي، ز، ظ، ب): «يعمل عمل».
(٨) أخرجه أحمد (٢٧٣٢)، وأبو داود (٤٤٦٢)، والترمذي (١٤٥٦)، وابن ماجه (٢٥٦١)، والدارقطني: (٣/ ١٢٤)، والحاكم: (٤/ ٣٥٥)، والبيهقي: (٨/ ٢٣١ - ٢٣٢) من طرق عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما -. نقل الحافظ عن النسائي أنه استنكر الحديث، وسئل الترمذيُّ البخاريَّ عن الحديث فقال: «عمرو بن أبي عمرو (الراوي عن عكرمة) صدوق، ولكن روى عن عكرمة مناكير، ولم يذكر في شيء من ذلك أنه سمع من عكرمة» اهـ. «العلل الكبير» (٢٥١). وقد صحح الحاكمُ إسناده.

<<  <  ج: ص:  >  >>