للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان المسلمون يتعاونون على ذلك، وكان خلفاؤه قريبًا من ذلك، وكانوا يستخلفون في مصرهم قاضيًا فيما يتفق حكمهم فيه، فإذا نزل بالقاضي ما فيه إشكال يراجع الخليفة، كما كان زيدٌ يراجع عمر في مسائل الجد والطلاق وغير ذلك (١).

وأما بعد الخلفاء؛ فتنوعت العادات في ذلك في الأعصار والأمصار بحسب قلة الحاجة وكثرتها، وبحسب قدرة الوالي الكبير وعجزه، وقيامه بالأمر وإعراضه وأسباب أخر، فصار بعض هذه الأمور يتولاها والي الحرب الذي هو صاحب الشرطة.

وكان صاحب الشرطة مثل المنفذ لأمر الولي الكبير الذي يقال له: «نائب السلطان». قال أنس بن مالك: كان [قيس بن] سعد من النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير (٢).

وبعضها يتولَّاها المحتَسِب الذي وَليَ الأمرَ بالمعروف والنهيَ عن المنكر، وولايته قد تدخل في ولاية القاضي. وبعضها يتولاها القاضي.

وأيُّ شيء من الولايات عُمِل فيه بطاعة الله ورسوله كانت ولايةً شرعية، وأيُّ شيء عُمِل فيها بخلاف ذلك، أو تُرِك فيها ما يجب لم تكن شرعية، لكن لما كان القاضي أقرب إلى العلم وأهله (٣) [و] أكثر معرفة بالشريعة= صار كثيرٌ من الناس يظن أنه ليس من الولايات ما يجب أو يقع فيها حكم الشرع


(١) كما أخرجه الحاكم: (٤/ ٣٣٩)، والبيهقي: (٦/ ٢٤٧).
(٢) أخرجه البخاري (٧١٥٥).
(٣) الأصل: «وأهلها».

<<  <  ج: ص:  >  >>