للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدٍ به، وكذلك تُقام الشهادة فيه من غير دعوى أحدٍ به، وإن كان الفقهاء قد اختلفوا في قطع يد السارق: هل يفتقر إلى مطالبة المسروق بماله؟ على قولين في مذهب أحمد وغيره، ولكنهم متفقون على أنه لا يفتقر إلى مطالبة المسروق بالحدِّ، بل اشترط بعضُهم المطالبة بالمال (١) لئلا يكون للسارق فيه شبهة.

وهذا القسم يجب إقامته على الشريف والوضيع، والقوي والضعيف، ولا يحل تعطيله لا بشفاعة ولا بهدية ولا بغيرهما، ولا تحل الشفاعة فيه، ومن عطَّلَه لذلك ــ وهو قادر على إقامته ــ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا، وهو ممن اشترى بآيات الله ثمنًا قليلًا.

روى أبو داود في «سننه» (٢) عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حالت شفاعتُه دون حدٍّ من حدود الله فقط ضادَّ (٣) الله في أمره، ومَن خاصم في باطلٍ وهو يعلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع، ومَن قال في مسلم ما ليس فيه حُبِسَ في ردغة الخَبال حتى يخرج مما قال». قيل: يا رسول الله، وما ردغة الخبال؟ قال: «عُصارة أهل النار» (٤).


(١) (ف، ب، ل) زيادة: «له».
(٢) (٣٥٩٧)، وأخرجه أحمد (٥٣٨٥)، والحاكم: (٢/ ٢٧)، والبيهقي: (٦/ ٨٢)، وغيرهم. قال الحاكم: صحيح الإسناد، وجود إسناده المنذري في «الترغيب»: (٣/ ١٩٨)، وابن القيم في «أعلام الموقعين»: (٥/ ٤٦٣)، والذهبي في «الكبائر» (ص ٤٧٧)، وصححه أحمد شاكر في تعليقه على «المسند»: (٧/ ٢٠٤).
(٣) (ظ): «حاد»، الأصل: «ضار».
(٤) هذا الحديث بهذا السياق مركب من حديثين، آخر هذا الحديث الذي أورده المؤلف المشتمل على سؤالهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - عن ردغة الخبال ليس في حديث ابن عمر هذا، وإنما هو في حديث آخر لعبد الله بن عمرو.
وقد تقدم تخريج حديث ابن عُمر، أما حديث ابن عَمرو فأخرجه ابن ماجه (٣٣٧٧) مرفوعا ولفظه: «من شرب الخمر وسكر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا، فإن مات دخل النار، فإن تاب تاب الله عليه، وإن عاد فشرب فسكر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا، فإن مات دخل النار، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد فشرب فسكر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا، فإن مات دخل النار، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد كان حقا على الله أن يسقيه من ردغة الخبال يوم القيامة» قالوا: يا رسول الله، ما ردغة الخبال؟ قال: «عصارة أهل النار». ومثله في حديث عياض بن غنم عند أبي يعلى في مسنده (٦٨٢٧) بنفس اللفظ السابق.
وجاء نحوه عن ابن عباس في المعجم الكبير للطبراني (١٢/ ٢٤٩) قالوا: يا أبا العباس وما ردغة الخبال؟ قال: «شحوم أهل النار وصديدهم». التفسير موقوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>