للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للناس ــ وإن كانوا رؤساء ــ بحسب الحاجة إلى صلاح الأحوال لإقامة (١) الدين، والدنيا التي يحتاج إليها الدين. وعِفَّته في نفسه فلا يأخذ ما لا يستحقه، فيجمعون بين التقوى والإحسان {(١٢٧) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ} [النحل: ١٢٨].

فلا تتم السياسة الدينية إلا بهذا، ولا يصلح الدين والدنيا إلا بهذه الطريقة، وهذا هو الذي يُطْعم الناس ما يحتاجون إلى إطعامه (٢)، ولا يأكل هو إلا الحلال الطيب، ثم هذا يكفيه من الإنفاق أقل مما يحتاج إليه الأُوَل، فإن الذي يأخذ لنفسه تطمع فيه النفوس ما لا تطمع في العفيف، ويصلح به الناس في دينهم ما لا يصلحون بالثاني، فإن العِفَّة مع القدرة تقوِّي حُرْمة الدين.

وفي «الصحيحين» (٣) عن أبي سفيان بن حرب أن هرقل ملك الروم قال له عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: بماذا يأمركم؟ قال: يأمرنا بالصلاة والصدقة والعفاف والصّلَة.

وفي الأثر: أن الله أوحى إلى رسوله إبراهيم الخليل ــ صلى الله على نبينا وعليه وعلى كافة الأنبياء والمرسلين ــ: يا إبراهيم أتدري لم اتخذتك خليلًا؟ لأني رأيتُ العطاءَ أحبَّ إليك من الأخذ (٤).


(١) بقية النسخ: «ولإقامة».
(٢) (ف، ي، ز، ل): «طعامه».
(٣) البخاري (٧)، ومسلم (١٧٧٣).
(٤) وردت في ذلك آثار عن جماعة من السلف، عن يوسف بن أسباط أخرجه أبو نعيم في «الحلية»: (٨/ ٢٤٢)، وعن وهب بن منبه أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق»: (٦/ ٢١٧ - ٢١٨)، وغيرهما كما في «الدر المنثور»: (٢/ ٤٠٧ - ٤٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>